«إنَّ الْعَبْدَ لَيَقْذِفُ اللُّقْمَةَ مِنْ حَرَامٍ فِي جَوْفِهِ مَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ عَمَلٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَيُّمَا عَبْدٍ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنْ حَرَامٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ» . وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّهُ لَا دِينَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ» .
«وَقَوْلُهُ: إنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ يَقْبَلَ عَمَلَ رَجُلٍ أَوْ صَلَاتَهُ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ مِنْ حَرَامٍ» .
«وَقَوْلُهُ: مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِيهَا دِرْهَمٌ مِنْ حَرَامٍ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ صَلَاةً مَا دَامَ عَلَيْهِ» . وَقَوْلُهُ: «إنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ، وَلَا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ. قَالُوا وَمَا بَوَائِقُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: غِشُّهُ وَظُلْمُهُ» .
«وَقَوْلُهُ: لَا تُزَالُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟» . «وَقَوْلُهُ: مَنْ اكْتَسَبَ فِي الدُّنْيَا مَالًا مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ وَأَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ أَوْرَدَهُ دَارَ الْهَوَانِ، ثُمَّ رُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِي مَالِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ اللَّهُ {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} [الإسراء: ٩٧] » . «وَقَوْلُهُ: يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأُنَاسٍ مَعَهُمْ مِنْ الْحَسَنَاتِ كَأَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ حَتَّى إذَا جِيءَ بِهِمْ جَعَلَهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ثُمَّ يَقْذِفُ بِهِمْ فِي النَّارِ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: كَانُوا يُصَلُّونَ وَيُزَكُّونَ وَيَصُومُونَ وَيَحُجُّونَ، غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا عَرَضَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ الْحَرَامِ أَخَذُوهُ فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ» .
فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ أَيُّهَا الْمَاكِرُ الْمُخَادِعُ الْغَشَّاشُ الْآكِلُ أَمْوَالَ النَّاسِ بِتِلْكَ الْبُيُوعَاتِ الْبَاطِلَةِ وَالتِّجَارَاتِ الْفَاسِدَةِ، تَعْلَمْ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ لَك وَلَا زَكَاةَ وَلَا صَوْمَ وَلَا حَجَّ كَمَا جَاءَ عَنْ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى، وَلْيَتَأَمَّلْ الْغَشَّاشُ بِخُصُوصِهِ قَوْلَهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» يَعْلَمْ أَنَّ أَمْرَ الْغِشِّ عَظِيمٌ، وَأَنَّ عَاقِبَتَهُ وَخِيمَةٌ جِدًّا فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَدَّتْ إلَى الْخُرُوجِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَقُولُ لَيْسَ مِنَّا إلَّا فِي شَيْءٍ قَبِيحٍ جِدًّا يُؤَدِّي بِصَاحِبِهِ إلَى أَمْرٍ خَطِيرٍ وَيُخْشَى مِنْهُ الْكُفْرُ، فَإِنَّ لَمَنْ يُعَرِّضُ دِينَهُ إلَى زَوَالٍ وَيَسْمَع قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا» ، وَلَا يَنْتَهِي عَنْ الْغِشِّ إيثَارًا لِمَحَبَّةِ الدُّنْيَا عَلَى الدِّينِ وَرِضًا بِسُلُوكِ سَبِيلِ الضَّالِّينَ.
وَلْيَتَأَمَّلْ الْغَشَّاشُ أَيْضًا لَا سِيَّمَا التُّجَّارُ وَالْعَطَّارُونَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَجْعَلُ فِي بِضَاعَتِهِ غِشًّا يَخْفَى عَلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى يَقَعَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْعُرَ، وَلَوْ عَلِمَ ذَلِكَ الْغِشَّ فِيهِ لَمَا اشْتَرَاهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ أَصْلًا. مَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ: أَنَّهُ «مَرَّ عَلَى رَجُلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute