للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِلْمٌ، فَسَأَلَ عُلَمَاءَ مَكَّةَ عَنْ قَضِيَّتِهِ فَقَالُوا لَهُ: إذَا كَانَ نِصْفُ اللَّيْلِ فَأْتِ زَمْزَمَ فَانْظُرْ فِيهَا وَنَادِ يَا فُلَانُ بِاسْمِهِ، فَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ فَيُجِيبُك مِنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ، فَذَهَبَ وَنَادَى فِيهَا فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالُوا لَهُ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ؛ نَخْشَى أَنْ يَكُونَ صَاحِبُك مِنْ أَهْلِ النَّارِ اذْهَبْ إلَى أَرْضِ الْيَمَنِ فَفِيهَا بِئْرٌ تُسَمَّى بِئْرَ بَرَهُوتَ يُقَالُ إنَّهُ عَلَى فَمِ جَهَنَّمَ فَانْظُرْ فِيهِ بِاللَّيْلِ وَنَادِ يَا فُلَانُ فَيُجِيبُك مِنْهَا، فَمَضَى إلَى الْيَمَنِ وَسَأَلَ عَنْ الْبِئْرِ فَدُلَّ عَلَيْهَا، فَذَهَبَ إلَيْهَا لَيْلًا وَنَادَى فِيهَا: يَا فُلَانُ فَأَجَابَهُ، فَقَالَ أَيْنَ ذَهَبِي؟ فَقَالَ دَفَنْته فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ مِنْ دَارِي وَلَمْ ائْتَمَنَ عَلَيْهِ وَلَدِي فَأْتِهِمْ وَاحْفِرْ هُنَاكَ تَجِدُهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا الَّذِي أَنْزَلَك هَاهُنَا وَقَدْ كُنْت يُظَنُّ بِك الْخَيْرُ؟ قَالَ: كَانَ لِي أُخْتٌ فَقِيرَةٌ هَجَرْتهَا وَكُنْت لَا أَحْنُو عَلَيْهَا فَعَاقَبَنِي اللَّهُ - تَعَالَى - بِسَبَبِهَا وَأَنْزَلَنِي هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ السَّابِقِ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ» أَيْ قَاطِعُ رَحِمِهِ وَأَقَارِبِهِ. (فَائِدَةٌ: فِي ذِكْرِ أَحَادِيثَ فِيهَا الْحَثُّ الْأَكِيدُ وَالتَّأْكِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى صِلَةِ الرَّحِمِ) أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» .

وَأَخْرَجَ أَيْضًا: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ» - أَيْ يُؤَخَّرُ وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ ثَالِثِهِ الْمُهْمَلِ وَبِالْهَمْزِ - «لَهُ فِي أَثَرِهِ: أَيْ أَجَلِهِ - فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ: «قَالَ تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ مِنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ» : أَيْ بِهَا الزِّيَادَةُ فِي الْعُمْرِ.

وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ الْمُسْنَدِ وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَالْحَاكِمُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَيُوَسَّعَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُدْفَعَ عَنْهُ مَيْتَةُ السُّوءِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» . وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَادَ فِي عُمْرِهِ وَفِي رِزْقِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>