للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ: إنَّ مِنْ أَعْمَالِهِمْ أَيْضًا اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ، وَالْمُهَارَشَةَ بَيْنَ الْكِلَابِ، وَالْمُنَاطَحَةَ بِالْكِبَاشِ، وَالْمُنَاقَرَةَ بِالدُّيُوكِ، وَدُخُولَ الْحَمَّامِ بِلَا مِئْزَرٍ، وَنَقْصَ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ وَيْلٌ لِمَنْ فَعَلَهَا.

وَفِي الْخَبَرِ: «مَنْ لَعِبَ بِالْحَمَامِ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَذُوقَ أَلَمَ الْفَقْرِ» ، وَلَمْ يَجْمَعْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أُمَّةٍ مِنْ الْعَذَابِ مَا جَمَعَ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ؛ فَإِنَّهُ طَمَسَ أَبْصَارَهُمْ وَسَوَّدَ وُجُوهَهُمْ وَأَمَرَ جِبْرِيلَ بِقَلْعِ قُرَاهُمْ مِنْ أَصْلِهَا ثُمَّ بِقَلْبِهَا لِيَصِيرَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا ثُمَّ خَسَفَ بِهِمْ ثُمَّ أَمْطَرَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ مِنْ سِجِّيلٍ؛ وَأَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى قَتْلِ فَاعِلِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِ كَمَا يَأْتِي.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ أَتَى صَبِيًّا فَقَدْ كَفَرَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: إنَّ اللُّوطِيَّ إذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ مُسِخَ فِي قَبْرِهِ خِنْزِيرًا. وَقِيلَ: فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمْ اللُّوطِيَّةُ وَهُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ يَنْظُرُونَ، وَصِنْفٌ يُصَافِحُونَ، وَصِنْفٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ الْعَمَلَ الْخَبِيثَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالنَّظَرُ بِالشَّهْوَةِ إلَى الْمَرْأَةِ وَالْأَمْرَدِ زِنًا كَمَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «زِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَزِنَا الْيَدِ الْبَطْشُ، وَزِنَا الرِّجْلِ الْخَطْوُ، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ» . وَلِأَجْلِ ذَلِكَ بَالَغَ الصَّالِحُونَ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْ الْمُرْدِ وَعَنْ النَّظَرِ إلَيْهِمْ وَعَنْ مُخَالَطَتِهِمْ وَمُجَالَسَتِهِمْ.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ ذَكْوَانَ: لَا تُجَالِسْ أَوْلَادَ الْأَغْنِيَاءِ فَإِنَّ لَهُمْ صُوَرًا كَصُوَرِ الْعَذَارَى وَهُمْ أَشَدُّ فِتْنَةً مِنْ النِّسَاءِ. وَقَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ: مَا أَنَا بِأَخْوَفَ عَلَى الشَّابِّ النَّاسِكِ مِنْ سَبُعٍ ضَارٍ مِنْ الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ يَقْعُدُ إلَيْهِ.

وَحَرَّمَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْخَلْوَةَ بِالْأَمْرَدِ فِي نَحْوِ بَيْتٍ أَوْ دُكَّانٍ كَالْمَرْأَةِ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا خَلَا رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلَّا دَخَلَ الشَّيْطَانُ بَيْنَهُمَا» بَلْ فِي الْمُرْدِ مَنْ يَفُوقُ النِّسَاءَ بِحُسْنِهِ فَالْفِتْنَةُ بِهِ أَعْظَمُ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِي حَقِّهِ مِنْ الشُّهْرَةِ مَا لَا يُمْكِنُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَيَتَسَهَّلُ فِي حَقِّهِ مِنْ طُرُقِ الرِّيبَةِ وَالشَّرِّ مَا لَا يَتَيَسَّرُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ فَهُوَ بِالتَّحْرِيمِ أَوْلَى، وَأَقَاوِيلُ السَّلَفِ فِي التَّنْفِيرِ عَنْهُمْ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ رُؤْيَتِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، وَسَمُّوهُمْ الْأَنْتَانَ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْتَقْذَرُونَ شَرْعًا وَسَوَاءٌ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ نَظَرُ الْمَنْسُوبِ إلَى الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ؛ وَمَا قِيلَ إنَّ النَّظَرَ إلَيْهِمْ اعْتِبَارًا لَا مَحْذُورَ فِيهِ فَدَسِيسَةٌ شَيْطَانِيَّةٌ، وَإِنْ زَلَّ بِهَا قَلَمُ بَعْضِهِمْ، وَلَوْ نَظَرَ الشَّارِعُ الَّذِي هُوَ أَعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ إلَى ذَلِكَ لَأَشَارَ إلَيْهِ فَلَمَّا أَطْلَقَهُ وَلَمْ يُفَصِّلْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَالْمُعْتَبَرَاتُ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>