وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ» . وَالْحَاكِمُ عَنْهُ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ وَالرَّائِشَ الَّذِي يَسْعَى بَيْنَهُمَا» . وَأَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ ثَوْبَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ» يَعْنِي الَّذِي يَمْشِي بَيْنَهُمَا. وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ: «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ فِي الْحُكْمِ» . وَالْحَاكِمُ: «مَنْ وَلِيَ عَشَرَةً فَحَكَمَ بَيْنَهُمْ بِمَا أَحَبُّوا أَوْ بِمَا كَرِهُوا جِيءَ بِهِ مَغْلُولَةً يَدَاهُ فَإِنْ عَدَلَ وَلَمْ يَرْتَشِ وَلَمْ يَحِفْ فَكَّ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَارْتَشَى وَحَابَى فِيهِ شُدَّتْ يَسَارُهُ إلَى يَمِينِهِ ثُمَّ رُمِيَ بِهِ فِي جَهَنَّمَ فَلَمْ يَبْلُغْ قَعْرَهَا خَمْسَمِائَةِ عَامٍ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: الرِّشْوَةُ فِي الْحُكْمِ كُفْرٌ وَهِيَ بَيْنَ النَّاسِ سُحْتٌ ".
تَنْبِيهٌ: عَدُّ الْأُولَى هُوَ مَا ذَكَرُوهُ، وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ هُوَ مَا ظَهَرَ لِي مِنْ صَرِيحِ الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ، وَالْأَخِيرَتَيْنِ هُوَ مَا رَأَيْته بَعْدَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْتُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَعِبَارَتُهُ: أَخْذُ الرِّشْوَةِ عَلَى الْأَحْكَامِ سَوَاءٌ أَخْذُهَا عَلَى الْحُكْمِ بِالْبَاطِلِ أَوْ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ، وَفِي مَعْنَاهُ الْأَخْذُ عَلَى تَوْلِيَةِ الْحُكْمِ وَدَفْعِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْبَذْلُ. انْتَهَتْ. وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرْتهَا صَرِيحَةٌ فِي أَكْثَرِ ذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ وَاللَّعْنَةِ لِلرَّاشِي وَلِلْمُرْتَشِي وَلِلسَّفِيرِ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا قُلْتُ فِي الثَّانِيَةِ بَاطِلٌ لِقَوْلِهِمْ قَدْ يَجُوزُ الْإِعْطَاءُ وَيَحْرُمُ الْأَخْذُ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَمَا يُعْطَاهُ الشَّاعِرُ خَوْفًا مِنْ هَجْوِهِ فَالْإِعْطَاءُ جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ، وَالْأَخْذُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ وَلِأَنَّ الْمُعْطِيَ كَالْمُكْرَهِ عَلَى إعْطَائِهِ فَمَنْ أَعْطَى قَاضِيًا أَوْ حَاكِمًا رِشْوَةً أَوْ أَهْدَى إلَيْهِ هَدِيَّةً فَإِنْ كَانَ لِيَحْكُمَ لَهُ بِبَاطِلٍ أَوْ لِيَتَوَصَّلَ بِهَا إلَى نَيْلِ مَا لَا يَسْتَحِقُّ أَوْ إلَى أَذِيَّةِ مُسْلِمٍ فُسِّقَ الرَّاشِي وَالْمُهْدِي بِالْإِعْطَاءِ وَالْمُرْتَشِي وَالْمُهْدَى إلَيْهِ بِالْأَخْذِ وَالرَّائِشُ بِالسَّعْيِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ حُكْمٌ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ لِيَحْكُمَ لَهُ بِحَقٍّ أَوْ لِدَفْعِ ظُلْمٍ عَنْهُ أَوْ لِيَنَالَ مَا يَسْتَحِقُّهُ فُسِّقَ الْآخِذُ فَقَطْ وَلَمْ يَأْثَمْ الْمُعْطِي لِاضْطِرَارِهِ إلَى التَّوَصُّلِ إلَى حَقِّهِ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ.
وَأَمَّا الرَّائِشُ هُنَا فَاَلَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute