وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيُّ: «اتَّقُوا هَذَيْنِ الْكَعْبَيْنِ الْمَرْسُومَيْنِ اللَّذَيْنِ يُزْجَرَانِ زَجْرًا فَإِنَّهُمَا مِنْ مَيْسِرِ الْعَجَمِ» . وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ: «ثَلَاثٌ مِنْ الْمَيْسِرِ: الْقِمَارُ وَالضَّرْبُ بِالْكِعَابِ وَالصَّفِيرُ بِالْحَمَامِ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ لَا سِيَّمَا الْخَبَرَ الثَّانِيَ وَالْخَبَرَ الثَّالِثَ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ الَّذِي فِيهِمَا يُفِيدُ وَعِيدًا شَدِيدًا لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ إلَّا عَدَمُ قَبُولِ الصَّلَاةِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ نَقْلًا عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ فَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا: يَحْرُمُ اللَّعِبُ بِهِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَيُفَسَّقُ بِهِ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ انْتَهَى، وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ فَصَرَّحَ بِهِ فِي حَاوِيهِ، وَعِبَارَتُهُ: الصَّحِيحُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَأَنَّهُ فِسْقٌ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ انْتَهَتْ، وَتَبِعَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ عَلَى عَادَتِهِ فَقَالَ: بَعْدَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَأَكْرَهُ اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ لِلْخَبَرِ؛ قَالَ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا: يُكْرَهُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ وَالْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: هُوَ كَالشِّطْرَنْجِ سَوَاءٌ وَهَذَا غَلَطٌ. انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ تَجْرِبَةِ الرُّويَانِيِّ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فُسِّقَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَعِبَارَةُ الْمَحَامِلِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ: مَنْ لَعِبَ بِهِ فُسِّقَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا إلَّا أَبَا إِسْحَاقَ. قَالَ هُوَ كَالشِّطْرَنْجِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ. انْتَهَى. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ: مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ عَالِمًا بِمَا جَاءَ فِيهِ مُسْتَحْضِرًا لَهُ فُسِّقَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ فِي أَيِّ بَلَدٍ كَانَ لَا مِنْ جِهَةِ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ بَلْ لِارْتِكَابِ النَّهْيِ الشَّدِيدِ. انْتَهَى. وَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ مَا حَكَمْنَا بِتَحْرِيمِهِ كَالنَّرْدِ. فَهَلْ هُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ حَتَّى تُرَدَّ الشَّهَادَةُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنْهُ أَوْ مِنْ الصَّغَائِرِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْإِكْثَارُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: كَلَامُ الْإِمَامِ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ أَوَّلِهِمَا وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ. انْتَهَى.
وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَقَالَ: وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ كَذَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْفَصْلِ ثُمَّ أَوْرَدَ كَلَامَهُ هَذَا ثُمَّ قَالَ: وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ اعْتَرَضَ الْبُلْقِينِيُّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فَقَالَ: إنْ كَانَ مَوْرِدُ التَّصْحِيحِ مَا صَحَّحَهُ الْأَكْثَرُ فَقَدْ نَقَلَ الْمَحَامِلِيُّ فِي التَّجْرِيدِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ مِثْلَ مَا صَحَّحَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute