أَنْوَاعٌ، وَقَدْ يَشْمَلُ اسْمُ الْعُودِ سَائِرَ الْأَوْتَارِ: وَعِبَارَةُ الْعُمْرَانِيِّ وَخَلَائِقَ مِنْ الْأَصْحَابِ الْأَصْوَاتُ الْمُكْتَسَبَةُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: مُحَرَّمٌ وَهُوَ مَا يُطْرِبُ مِنْ غَيْرِ غِنَاءٍ كَعُودٍ وَطُنْبُورٍ وَطَبْلٍ وَمَزَامِيرَ وَمَعَازِفَ وَنَايَاتٍ وَأَكْبَارٍ وَرَبَابٍ وَمَا أَشْبَهَهُمَا انْتَهَى. وَالْمَزَامِيرُ تَشْمَلُ الصُّرْنَايَ؛ وَهِيَ قَصَبَةٌ ضَيِّقَةُ الرَّأْسِ مُتَّسَعَةُ الْآخِرِ يُزَمِّرُ بِهَا فِي الْمَوَاكِبِ وَالْحَرْبِ وَعَلَى النَّقَّارَاتِ، وَيَشْمَلُ الْكِرْجَةَ وَهِيَ مِثْلُ الصُّرْنَايِ إلَّا أَنَّهُ يَجْعَلُ فِي أَسْفَلِ الْقَصَبَةِ قِطْعَةَ نُحَاسٍ مُعْوَجَّةً يُزَمِّرُ بِهَا فِي أَعْرَاسِ الْبَوَادِي وَغَيْرِهَا، وَيَشْمَلُ النَّايَ وَهُوَ أَطْرَبُ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ وَالْمَقْرُونَةُ وَهِيَ قَصَبَتَانِ مُلْتَقِيَتَانِ، قِيلَ وَأَوَّلُ مَنْ اتَّخَذَ الْمَزَامِيرَ بَنُو إسْرَائِيلَ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفِي ضَرْبِ الْقَضِيبِ عَلَى الْوَسَائِدِ وَجْهَانِ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَأَشَارَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ إلَى تَرْجِيحِ التَّحْرِيمِ انْتَهَى، وَفِي (الْكَافِي) عَنْ الْمَرَاوِزَةِ التَّحْرِيمُ أَيْضًا، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَلِيٍّ مِنْ أَكَابِرِهِمْ جَزَمَ بِالْكَرَاهَةِ، وَأَلْحَقَ صَاحِبُ الْكَافِي بِالضَّرْبِ بِالْقَضِيبِ فِيمَا ذُكِرَ التَّصْفِيقَ بِالْيَدِ فِي السَّمَاعِ. وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ: يُكْرَهُ التَّصْفِيقُ لِلرِّجَالِ لِأَنَّهُ مِمَّا خُصَّ بِهِ النِّسَاءُ وَقَدْ مُنِعَ الرِّجَالُ مِنْ التَّشَبُّهِ بِهِنَّ كَمَا مُنِعُوا مِنْ لُبْسِ الْمُزَعْفَرِ انْتَهَى. وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ؛ لِأَنَّ التَّشَبُّهَ بِالنِّسَاءِ حَرَامٌ بَلْ كَبِيرَةٌ عَلَى مَا مَرَّ.
وَمِنْهَا قَوْلُ الرَّافِعِيِّ: كَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْخَطَّابِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَالْغَزَالِيِّ وَصَاحِبُهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَالْبَاجَرِمِيُّ يَحِلُّ الْيَرَاعُ وَهُوَ الشَّبَّابَةُ لِأَنَّهَا تَنْشَطُ عَلَى السَّيْرِ فِي السَّفَرِ فَأَشْبَهَتْ الْحُدَاءَ، وَهَذِهِ مَقَالَةٌ شَاذَّةٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَقَدْ حَرَّمَهَا جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، قَالَ: بَلْ أَجْدَرُ بِالتَّحْرِيمِ مِنْ سَائِرِ الْمَزَامِيرِ الْمُتَّفَقِ عَلَى تَحْرِيمِهَا؛ لِشِدَّةِ طَرَبِهَا وَهِيَ شِعَارُ الشَّرَبَةِ وَأَهْلِ الْفِسْقِ. إذْ هِيَ آلَةٌ كَامِلَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمُوسِيقَى وَافِيَةٌ بِجَمِيعِ النَّغَمَاتِ، وَقِيلَ تَنْقُصُ قِيرَاطًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ مِنْ أَعْلَى الْمَزَامِيرِ فَكُلُّ مَا لِأَجْلِهِ حَرُمَتْ الْمَزَامِيرُ مَوْجُودٌ فِيهَا وَزِيَادَةٌ فَتَكُونُ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ، وَالْمُنَازَعَةُ فِي هَذَا مُكَابَرَةٌ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ فَإِنَّهُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ، وَأَيْضًا فَقَدْ حَرَّمَ الشَّافِعِيُّ مَا دُونَهَا فِي الْإِطْرَابِ بِكَثِيرٍ كَالْكُوبَةِ وَطَبْلِ اللَّهْوِ وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ وَالدُّفُّ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَالْخِتَانُ وَمَا حَرَّمَهُ إلَّا لِأَنَّهُ لَهْوٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيمَا يَجُوزُ، فَفِي الشَّبَّابَةِ مَعَ كَوْنِهَا لَهْوًا يَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ الْمَيْلُ إلَى أَوْطَارِ النُّفُوسِ وَلَذَّاتِهَا فَهِيَ بِالتَّحْرِيمِ أَحَقُّ وَأَوْلَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute