للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمُخَالَفَةُ النَّوَوِيِّ الرَّافِعِيَّ فِي الشَّبَّابَةِ هِيَ الْمَذْهَبُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ وَأَحْسَنَ فِي الذَّخَائِرِ بِنَقْلِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ تَحْرِيمَ الْمَزَامِيرِ مُطْلَقًا. انْتَهَى.

وَحَرَّمَ الْعِرَاقِيُّونَ الْمَزَامِيرَ كُلَّهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، فَإِذَا الْمَذْهَبُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاهِيرُ تَحْرِيمُ الشَّبَّابَةِ، وَقَدْ أَطْنَبَ الْإِمَامُ مَجْزَأَةَ فِي دَلِيلِ تَحْرِيمِهَا وَقَالَ الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَزْعُمُ أَنَّ الشَّبَّابَةَ حَلَالٌ وَيَحْكِيهِ وَجْهًا لَا مُسْتَنَدَ لَهُ إلَّا خَبَالٌ وَلَا أَصْلَ لَهُ وَيَنْسُبُهُ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَذْهَبًا لَهُ أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ يَقَعُ عَلَيْهِمْ التَّعْوِيلُ فِي عِلْمِ مَذْهَبِهِ وَالِانْتِمَاءِ إلَيْهِ.

وَقَدْ عُلِمَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَرَّمَ سَائِرَ أَنْوَاعِ الزَّمْرِ وَالشَّبَّابَةِ مِنْ جُمْلَةِ الزَّمْرِ وَأَحَدِ أَنْوَاعِهِ، بَلْ هِيَ أَحَقُّ بِالتَّحْرِيمِ مِنْ غَيْرِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ التَّأْثِيرِ فَوْقَ مَا فِي نَايٍ وَصُرْنَايٍ، وَمَا حُرِّمَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ لِأَسْمَائِهَا وَأَلْقَابِهَا، بَلْ لِمَا فِيهَا مِنْ الصَّدِّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ وَمُفَارَقَةِ التَّقْوَى وَالْمَيْلِ إلَى الْهَوَى وَالِانْغِمَاسِ فِي الْمَعَاصِي وَأَطَالَ النَّفَسَ فِي تَقْرِيرِ هَذَا التَّحْرِيمِ، وَأَنَّهُ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ مِنْ لَدُنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى آخِرِ وَقْتٍ مِنْ الْبَصْرِيِّينَ وَالْبَغْدَادِيِّينَ وَالْخُرَاسَانِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ وَالْخَزَرِيِّينَ وَمَنْ سَكَنَ الْجِبَالَ وَالْحِجَازَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَالْيَمَنِ كُلُّهُمْ اسْتَدَلَّ بِقِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - انْتَهَى، وَكَأَنَّهُ يُعَرِّضُ فِي صَدْرِ كَلَامِهِ بِالْغَزَالِيِّ فَإِنَّهُ كَانَ كَالْمَعَاصِرِ لَهُ لِوِلَادَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِنَحْوِ عَشْرِ سِنِينَ.

وَقَالَ الْإِمَامُ جَمَالُ الْإِسْلَامِ بْنُ الْبِزْرِيُّ بِكَسْرِ الْبَاءِ فَزَايٍ فَرَاءٍ نِسْبَةً إلَى الْبِزْرِ وَهُوَ حَبُّ الْكَتَّانِ فِي فَتَاوِيهِ: الشَّبَّابَةُ زَمْرٌ لَا مَحَالَةَ حَرَامٌ بِالنَّصِّ، وَالْمَشْهُورُ تَحْرِيمُهَا وَيَجِبُ إنْكَارُهَا وَتَحْرِيمُ اسْتِمَاعِهَا، وَلَمْ يَقُلْ الْعُلَمَاءُ الْمُتَقَدِّمُونَ وَلَا أَحَدٌ مِنْهُمْ بِحِلِّهَا وَجَوَازِ اسْتِمَاعِهَا، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى حِلِّهَا وَاسْتِمَاعِهَا فَهُوَ مُخْطِئٌ. انْتَهَى.

وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ تُكْرَهُ فِي مِصْرَ لِاسْتِعْمَالِهَا فِي السُّخْفِ وَتُبَاحُ فِي السَّفَرِ وَالْمَرْعَى؛ لِأَنَّهَا تَحُثُّ السَّيْرَ وَتَجْمَعُ الْبَهَائِمَ إذَا سَرَحَتْ ضَعِيفٌ، بَلْ شَاذٌّ أَيْضًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَالْقَوْلِ بِالْحِلِّ مُطْلَقًا عَلَى مَا إذَا كَانَ يُصَفِّرُ فِيهَا كَالْأَطْفَالِ وَالرِّعَاءِ عَلَى غَيْرِ قَانُونٍ بَلْ صَفِيرًا مُجَرَّدًا عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ حِينَئِذٍ قَرِيبٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، قَالَ: أَمَّا لَوْ صَفَّرَ بِهَا عَلَى الْقَانُونِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْإِطْرَابِ فَهِيَ حَرَامٌ مُطْلَقًا بَلْ هِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>