للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا الظَّلَمَةُ وَالْخَوَنَةُ وَلَوْ سَتَرَ نَفْسَهُ لَحَفِظْت بِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ إظْهَارُهُ دَرْءًا لِهَذِهِ الْمَفَاسِدِ وَنَحْوِهَا فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى.

الْحَادِيَ عَشَرَ: التَّدَارُكُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَعْصِيَةُ بِتَرْكِ عِبَادَةٍ فَفِي تَرْكِ نَحْوِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ تَوْبَتِهِ عَلَى قَضَائِهَا لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ فَوْرًا وَفِسْقُهُ بِتَرْكِهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مِقْدَارَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ مَثَلًا قَالَ الْغَزَالِيُّ: تَحَرَّى وَقَضَى مَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ تَرَكَهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ. وَفِي تَرْكِ نَحْوِ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ مَعَ الْإِمْكَانِ لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ تَوْبَتِهِ عَلَى إيصَالِهِ إلَى مُسْتَحَقِّهِ. قَالَ الْوَاسِطِيُّ: وَكَانَتْ التَّوْبَةُ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ بِقَتْلِ النَّفْسِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٥٤] قَالَ: فَكَانَتْ تَوْبَتُهُمْ إفْنَاءَ نُفُوسِهِمْ، وَتَوْبَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَشَدُّ وَهِيَ إفْنَاءُ نُفُوسِهِمْ عَنْ مُرَادِهَا مَعَ بَقَاءِ رُسُومِ الْهَيَاكِلِ، وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَنْ أَرَادَ كَسْرَ لَوْزَةٍ أَوْ لُؤْلُؤَةٍ فِي قَارُورَةٍ وَذَلِكَ مَعَ عُسْرِهِ يَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. انْتَهَى.

الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ فَالتَّوْبَة مِنْهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا جَمِيعُ مَا مَرَّ، وَيَزِيدُ هَذَا بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إسْقَاطِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، فَإِنْ كَانَ مَالًا رَدَّهُ إنْ بَقِيَ وَإِلَّا فَبَدَلُهُ لِمَالِكِهِ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ لِوَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مَا لَمْ يُبَرِّئْهُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ دَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ لِيَجْعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ إلَى الْحَاكِمِ الْمَأْذُونِ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَالْغَزَالِيُّ: تَصَدَّقَ عَنْهُ بِنِيَّةِ الْعَزْمِ، وَأَلْحَقَ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَرَائِضِ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِالصَّدَقَةِ سَائِرَ وُجُوهِ الْمَصَالِحِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَاضٍ بِشَرْطِهِ صَرَفَهُ الْأَمِينُ بِنَفْسِهِ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَاضٍ بِشَرْطِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ فَفِيهِ أَوْجُهٌ: يَدْفَعُهُ إلَيْهِ يَصْرِفُهُ بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ أَمِينًا فِي مَالِ الْمَصَالِحِ، وَإِلَّا دَفَعَهُ لِلْقَاضِي يُوقَفُ إلَى ظُهُورِ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ بِشَرْطِهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الثَّالِثُ ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلَانِ حَسَنَانِ وَأَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ؛ وَلَوْ قِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لَكَانَ حَسَنًا. قَالَ: بَلْ هُوَ عِنْدِي أَرْجَحُ انْتَهَى.

قِيلَ: وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي الْأَهْلِ الْأَمِينِ صَرْفُ ذَلِكَ فِي الْمَصَالِحِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْآحَادِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى.

وَبِتَأَمُّلِهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ فَعُلِمَ فَسَادُهُ. وَمَنْ أَخَذَ حَرَامًا مِنْ سُلْطَانٍ لَا يَعْرِفُ مَالِكَهُ، فَعَنْ قَوْمٍ يَرُدُّهُ إلَيْهِ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>