وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ: يَا بُنَيَّ إيَّاكَ وَكَثْرَةَ الْغَضَبِ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْغَضَبِ تَسْتَخِفُّ فُؤَادَ الرَّجُلِ الْحَلِيمِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: ٣٩] . السَّيِّدُ: الَّذِي لَا يَغْلِبُهُ الْغَضَبُ.
وَقَالَ يَحْيَى لِعِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ -: لَا تَغْضَبْ، قَالَ يَا أَخِي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ لَا أَغْضَبَ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، قَالَ: لَا تَقْتَنِ مَالًا، قَالَ هَذَا عَسَى.
وَقَالَ الْحَسَنُ: يَا ابْنَ آدَمَ كُلَّمَا غَضِبْتَ وَثَبْتَ يُوشِكُ أَنْ تَثِبَ وَثْبَةً تَقَعُ فِي النَّارِ.
وَعَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ: أَنَّهُ لَقِيَ مَلَكًا وَقَالَ: لَهُ عَلِّمْنِي عِلْمًا أَزْدَادُ بِهِ إيمَانًا وَيَقِينًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ أَقْدَرُ مَا يَكُونُ عَلَى ابْنِ آدَمَ حِينَ يَغْضَبُ فَرُدَّ الْغَضَبَ بِالْكَظْمِ وَسَكِّنْهُ بِالتُّؤَدَةِ، وَإِيَّاكَ وَالْعَجَلَةَ فَإِنَّك إذَا عَجِلْتَ أَخْطَأْتَ حَظَّك وَكُنْ سَهْلًا لَيِّنًا لِلْقَرِيبِ وَلِلْبَعِيدِ وَلَا تَكُنْ جَبَّارًا عَنِيدًا.
وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّ رَاهِبًا فِي صَوْمَعَتِهِ أَرَادَ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُ فَعَجَزَ عَنْهُ فَنَادَاهُ لِيَفْتَحَ لَهُ فَسَكَتَ، فَقَالَ: إنْ ذَهَبْت نَدِمْت فَسَكَتَ، فَقَالَ: أَنَا الْمَسِيحُ، فَأَجَابَهُ وَقَالَ: إنْ كُنْتَ الْمَسِيحَ فَمَا أَصْنَعُ بِك؟ أَلَسْتَ قَدْ أَمَرْتَنَا بِالْعِبَادَةِ وَالِاجْتِهَادِ وَوَعَدْتنَا الْقِيَامَةَ، فَلَوْ جِئْتنَا الْيَوْمَ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ نَقْبَلْهُ مِنْك، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ الشَّيْطَانُ جَاءَ لِيُضِلَّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، ثُمَّ قَالَ: لَهُ سَلْنِي عَمَّا شِئْت أُخْبِرْك، قَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَك عَنْ شَيْءٍ فَوَلَّى الشَّيْطَانُ مُدْبِرًا، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: أَلَا تَسْمَعُ قَالَ: بَلَى. قَالَ: أَخْبِرْنِي أَيُّ أَخْلَاقِ بَنِي آدَمَ أَعْوَنُ لَك عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: الْحِدَّةُ إنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ حَدِيدًا قَلَّبْنَاهُ كَمَا يُقَلِّبُ الصِّبْيَانُ الْكُرَةَ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: الْغَضَبُ مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ.
وَقَالَ بَعْضُ الْأَنْصَارِ: رَأْسُ الْحُمْقِ الْحِدَّةُ وَقَائِدُهُ الْغَضَبُ، وَمَنْ رَضِيَ بِالْجَهْلِ اسْتَغْنَى عَنْ الْحِلْمِ، وَالْحِلْمُ زَيْنٌ وَمَنْفَعَةٌ وَالْجَهْلُ شَيْنٌ وَمَضَرَّةٌ، وَالسُّكُوتُ عَنْ جَوَابِ الْأَحْمَقِ سَعَادَةٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: قَالَ إبْلِيسُ: مَا أَعْجَزَنِي بَنُو آدَمَ فَلَنْ يُعْجِزُونِي فِي ثَلَاثٍ: إذَا سَكِرَ أَحَدُهُمْ أَخَذْنَا بِخَرَامَتِهِ فَقُدْنَاهُ حَيْثُ نَشَاءُ وَعَمِلَ لَنَا بِمَا أَحْبَبْنَا، وَإِذَا غَضِبَ قَالَ بِمَا لَا يَعْلَمُ وَعَمِلَ بِمَا يَنْدَمُ، وَإِذَا بَخِلَ بِمَا فِي يَدِهِ مَنَّيْنَاهُ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: اُنْظُرُوا إلَى حِلْمِ الرَّجُلِ عِنْدَ غَضَبِهِ وَأَمَانَتِهِ عِنْدَ طَمَعِهِ، وَمَا عِلْمُك بِحِلْمِهِ إذَا لَمْ يَغْضَبْ، وَمَا عِلْمُك بِأَمَانَتِهِ إذَا لَمْ يَطْمَعْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute