للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسِهِ وَيَقُولَ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَأَذْهِبْ غَيْظَ قَلْبِي، وَأَجِرْنِي مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ لِحَدِيثٍ فِيهِ ثُمَّ لِيَجْلِسْ ثُمَّ يَضْطَجِعْ لِيَقْرُبَ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا حَتَّى يَعْرِفَ حَقَارَةَ أَصْلِهِ وَذُلَّ نَفْسِهِ، وَلْيَسْكُنْ عَنْ الْحَرَكَةِ النَّاشِئِ عَنْهَا الْحَرَارَةُ النَّاشِئُ عَنْهَا الْغَضَبُ كَمَا فِي حَدِيثِ: «إنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ تُوقَدُ فِي الْقَلْبِ أَلَمْ تَرَوْا إلَى انْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ وَحُمْرَةِ عَيْنَيْهِ فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَجْلِسْ، وَإِنْ كَانَ جَالِسًا فَلْيَنَمْ فَإِنْ لَمْ يَزَلْ ذَلِكَ فَلْيَتَوَضَّأْ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ أَوْ لِيَغْتَسِلْ فَإِنَّ النَّارَ لَا يُطْفِئُهَا إلَّا الْمَاءُ» .

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «إذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ بِالْمَاءِ فَإِنَّ الْغَضَبَ مِنْ النَّارِ» .

وَفِي رِوَايَةٍ: «إنَّ الْغَضَبَ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنْ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ» .

وَفِي رِوَايَةٍ: «إذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ» .

وَفِي أُخْرَى: «أَلَا إنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ: أَلَا تَرَوْنَ إلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيُلْصِقْ خَدَّهُ بِالْأَرْضِ» .

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَكَأَنَّ هَذَا إشَارَةٌ إلَى السُّجُودِ وَتَمْكِينِ أَعَزِّ الْأَعْضَاءِ مِنْ أَذَلِّ الْمَوَاضِعِ - وَهُوَ التُّرَابُ - لِتَسْتَشْعِرَ بِهِ النَّفْسُ فَتُزِيلَ بِهِ الْعِزَّةَ وَالزَّهْوَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْغَضَبِ، وَاسْتَنْشَقَ عُمَرُ بِمَاءٍ عِنْدَ غَضَبِهِ وَقَالَ: إنَّ الْغَضَبَ مِنْ الشَّيْطَانِ وَهَذَا يُذْهِبُ الْغَضَبَ.

«وَعَيَّرَ أَبُو ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجُلًا بِأُمِّهِ قِيلَ: هُوَ بِلَالٌ فَعَتَبَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا ذَرٍّ ارْفَعْ رَأْسَك فَانْظُرْ - أَيْ إلَى السَّمَاءِ - وَعِظَمِ خَالِقِهَا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّك لَسْتَ بِأَفْضَلَ مِنْ أَحْمَرَ وَلَا أَسْوَدَ إلَّا أَنْ تَفْضُلَهُ بِالْعِلْمِ، ثُمَّ قَالَ: إذَا غَضِبْتَ فَإِنْ كُنْتَ قَائِمًا فَاقْعُدْ، وَإِنْ كُنْتَ قَاعِدًا فَاتَّكِئْ، وَإِنْ كُنْت مُتَّكِئًا فَاضْطَجِعْ» .

وَمِنْهَا: لَا يَجُوزُ لَك إذَا ظُلِمْتَ بِنَحْوِ غِيبَةٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ تَجَسُّسٍ أَنْ تُقَابِلَ ذَلِكَ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ يُوقَفُ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ، وَالْقِصَاصُ إنَّمَا يَجْرِي فِيمَا فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ، نَعَمْ رَخَّصَ أَئِمَّتُنَا أَنْ يُقَابِلَهُ بِمَا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ أَحَدٌ كَأَحْمَقَ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ: كُلُّ النَّاسِ أَحْمَقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ إلَّا أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ أَقَلُّ حَمَاقَةً مِنْ بَعْضٍ.

وَقَالَ عُمَرُ: النَّاسُ كُلُّهُمْ حَمْقَى فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَكَجَاهِلٍ، إذْ مَا مِنْ أَحَدٍ إلَّا وَفِيهِ جَهْلٌ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَكَذَا يَا سَيِّئَ الْخُلُقِ يَا صَفِيقَ الْوَجْهِ يَا ثَلَّابَ الْأَعْرَاضِ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِيهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>