في سنة (٥١٢هـ) تحدث ثورة في داخل بلاد المغرب في عقر دار المرابطين، كان لها أثر سلبي على دولة المرابطين أدت بعد ذلك إلى هزيمتين متتاليتين للمسلمين من الصليبيين في بلاد الأندلس؛ الهزيمة الأولى: قتندة، والهزيمة الأخرى هي هزيمة القليعة.
قامت دولة المرابطين سنة (٤٤٠هـ) بقدوم الشيخ عبد الله بن ياسين، وتدرج الأمر ببطء حتى انضم أبو بكر بن عمر اللمتوني رحمه الله مع الشيخ عبد الله بن ياسين.
وحدثت فرجة للمسلمين كانت غير متوقعة في ذلك الوقت، وحصل بعدها انتشار بسيط ثم انتشار سريع ثم فتح عظيم وتمكين، ثم دنيا وسلطان وعز كبير جداً للمسلمين، استمر من سنة (٤٤٠هـ) إلى سنة (٥٠٩هـ) يعني: حوالي (٧٠) سنة.
والشيء الطبيعي جداً والمتوقع والعادي أن يحدث انكسار جديد للمسلمين، بسبب فتنة الدنيا التي فتحت على المسلمين، وفتنة الأموال التي كثرت في أيدي المسلمين، والناس تتوقع أنه لا يمكن لهذه الدولة أن تتقهقر وتهزم، وتستغرب أن يحدث ذلك بعد وفاة يوسف بن تاشفين ولا تستغربه أن يحدث بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بلا شك أعظم تربية وأقوى أثراً من يوسف بن تاشفين ومن أمثال يوسف بن تاشفين، فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم البشر وأحسنهم، وأحب الخلق إلى الله سبحانه وتعالى، ومع ذلك فإنه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم حدثت الردة، وحدث انكسار كبير جداً للمسلمين، فهذه دورة طبيعية من دورات التاريخ، فالذي حدث في بلاد الأندلس أمر من الأمور الطبيعية جداً أنه بعد هذا العلو بدأ يحدث الانكسار.
فهذه هي الأشياء التي حدثت بعد انتهاء عصر يوسف بن تاشفين وبداية عصر علي بن يوسف بن تاشفين رحمه الله الذي كان أيضاً مجاهداً على نسق أبيه في أول الأمر.