[الاسم المعاصر للأندلس، ومن أول من سكنها، وسبب تسمية الأندلس]
أما الأندلس فتسمى الآن أسبانيا والبرتغال، أو ما يسمى بشبه الجزيرة الأيبيرية، ومساحتها ستمائة ألف كيلو متر مربع، أي: أقل من ثلثي من مصر، ثم تناقصت الأرض عليهم مع مرور الزمان، أما مساحة فرنسا فهي حوالي نصف مليون كيلو متر مربع، وإن شاء الله سيكون للمسلمين أيضاً فتوحات مرتبطة بفرنسا، وفرنسا في ذلك الزمن كان اسمها مملكة الفرنجة، أو مملكة غاليا.
سكن الأندلس منذ القرن الأول الميلادي بعض القبائل الهمجية التي جاءت من شمال اسكندنافا من بلاد السويد والدنمارك والنرويج وما إلى ذلك، وهجمت على منطقة الأندلس وعاشت فيها فترة من الزمان، ويقال: إن هذه القبائل جاءت من ألمانيا، وهذه القبائل كان اسمها قبائل الفندال، وباللغة العربية تحرف أحياناً إلى الوندال، فسميت هذه البلاد بفندلسيا لأن قبائل الفندال عاشت فيها فترة من الزمان، ثم حُرّف الاسم بعد ذلك إلى أندلسيا، وهذه القبائل كانت وحشية حتى يعلم الناس كيف انصلح الحال في هذه البلاد بعد دخول الإسلام، وفي اللغة الإنجليزية فإ، كلمة فندلزم تعني همجية أو وحشية أو أسلوب غير حضاري أو بدائي في الحياة، فقبائل الفندال عاشت فترة من الزمان فسميت هذه البلاد بفندلسيا، ثم خرجت هذه القبائل وحكم الأندلس طوائف أخرى من النصارى عُرفت في التاريخ باسم القوط الغربيين، وهي التي كانت تعيش فيها حتى دخول المسلمين.
واتجه المسلمون لفتح بلاد الأندلس في ذلك الوقت، لأنهم وصلوا في الفتح إلى المغرب الأقصى، أي: أنهم فتحوا الشمال الأفريقي كله: مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، والناظر إلى خريطة هذه المنطقة يجد أنه بعد دولة المغرب مباشرة المحيط الأطلسي، فإما أن تصعد شمالاً وتعبر مضيق جبل طارق وتدخل في بلاد أسبانيا والبرتغال التي كان اسمها الأندلس، وإما أن تنزل جنوباً في الصحراء الكبرى، والمسلمون ليس من همّهم جمع الأراضي والممتلكات -والصحراء الكبرى قليلة السكان جداً- وإنما يبحثون عن البشر حتى يعلموهم دين الله سبحانه وتعالى، فلما انتهوا من المغرب انتقلوا إلى الدولة المجاورة مباشرة التي هي دولة الأندلس، وعندما انتهوا من الأندلس انتقلوا إلى الدولة المجاورة التي هي فرنسا، وكان عندهم العزم -لو ربنا سبحانه وتعالى فتح عليهم وأكملوا الفتوح- أن يفتحوا الدول المجاورة التي هي: إيطاليا وألمانيا وهكذا، فالمسلمون كانوا قد وصلوا إلى الأندلس واستتب لهم الأمر أواخر الثمانيات من الهجرة، كما سيأتي بالتفصيل إن شاء الله في شرح الطريق إلى الأندلس.
والله سبحانه وتعالى يقول لنا في كتابه الكريم:{قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}[التوبة:١٢٣]، ومعنى:{الَّذِينَ يَلُونَكُمْ}[التوبة:١٢٣] أي: البلاد المجاورة لكم.
وقد دار حوار لطيف بين معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ملك الروم قبل موقعة اليرموك عن طريق المفاوضات بين الفريقين والرسل، فسأل ملك الروم معاذ بن جبل رضي الله عنه فقال له: ما الذي دعاكم إلى الولوغ في بلادنا، وبلاد الحبشة أسهل عليكم؟ فالعالم القديم كان مقسماً بين الروم وفارس، أي: أنها القوة العظمى في ذلك الزمن.
فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه: قال لنا ربنا في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}[التوبة:١٢٣]، وأنتم البلاد التي تلينا، ثم بعد الانتهاء من بلاد الروم سنفتح الحبشة وغيرها من البلاد، فالمسلمون كانوا قد وصلوا إلى المغرب الأقصى، وأول بلاد مجاورة هي بلاد الأندلس، وهي الخطوة التالية للفتح مباشرة.