وقد فتحت الأندلس في سنة (٩٢ هـ) في الدولة الأموية، خصوصاً في خلافة الوليد بن عبد الملك رحمه الله الخليفة الأموي الذي حكم من سنة ٨٦ هـ إلى سنة ٩٦ هـ، أي: أن فتح الأندلس كان في منتصف خلافة الوليد بن عبد الملك رحمه الله.
والدولة الأموية مظلومة في التاريخ الإسلامي، فقد أشيع عنها كثيراً من الذين شوهوا التاريخ الإسلامي فقالوا: إنه ما كان تاريخ إلا في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، حتى أن كثيراً من الناس يطعنون في تاريخ أبي بكر وعمر مع علم الجميع بفضلهما، وغرضهم في ذلك عدم إقامة دولة إسلامية، فإذا كان السابقون القريبون من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم دولة بني أمية والدولة العباسية وغيرها من الدول لم تستطع أن تقيم حكماً إسلامياً صالحاً ناجحاً، فكيف بالمتأخرين؟ وهذه الرسالة يريدون أن يصلوا بها إلى كل المسلمين، فالدولة الأموية كانت دولة لها كثير من الأيادي البيضاء على المسلمين، فقد دخلت كثير من البلاد في الإسلام في عهد بني أمية، كشمال أفريقيا ابتداء من ليبيا إلى أواخر المغرب، نعم بدأت الفتوحات لهذه البلاد في عهد عثمان بن عفان ثم انتقضت وارتدت على عاقبها، وفُتحت من جديد في عهد بني أمية، وأفغانستان وجمهوريات جنوب روسيا دخلت في الإسلام في عهد بني أمية، وكثير من البلاد وكثير من الناس دخلوا في الإسلام في عهد هذه الفترة الناجحة جداً في تاريخ الأمة الإسلامية، ودوّنت السنة في عهد بني أمية، ورُغّب في الجهاد في عهد بني أمية حتى صار الجهاد أمراً طبيعياً، وأنه في كل سنة سيكون جهاد في الصيف وجهاد في الشتاء فالمجاهدون كانوا يخرجون للجهاد كما يخرجون إلى أعمالهم، والشرع كان مطبّق في عهد بني أمية، ولا نقول أنهم كانوا بلا أخطاء ولا عيوب، ومن المؤكد أن كل البشر يخطئون، ومن المؤكد أن هناك أخطاء كثيرة في تاريخ بني أمية، لكن بلا شك أن هذه الأخطاء تذوب في بحر حسناتهم وأفضالهم على المسلمين.
حكمت دولة بني أمية من سنة (٤٠ هـ إلى سنة ١٣٢ هـ) أي: أنه استمر الحكم في بني أمية ٩٢سنة، ومؤسس دولة بني أمية الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وكثير من الناس يطعنون في خلافة معاوية بن أبي سفيان وفي تاريخه وكذبوا، وليتهم يصلون إلى معشار ما فعله معاوية بن أبي سفيان للإسلام والمسلمين، وإن شاء الله تكون بيننا محاضرات وجولات مع تاريخ معاوية بن أبي سفيان وتاريخ الدولة الأموية، وليس المجال الآن في الخوض والحديث بالتفصيل عن تاريخ بني أمية لكن نذكر مقدمة قد تفيد إن شاء الله في الحديث عن الأندلس.
تتابع الحكام بعد معاوية بن أبي سفيان وأشهرهم عبد الملك بن مروان رحمه الله، وتبعه من أولاده: الوليد وسليمان ويزيد وهشام، ثم الخليفة الخامس الراشد المشهور عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه، الذي ملأ الأرض عدلاً ورحمة وأمناً ورخاء، وآخر سبع سنوات فقط في بني أمية هي التي كانت فيها الكثير من المآسي والاختلافات عن المنهج الإسلامي، وكسنة من سنن الله سبحانه وتعالى قامت دولة أخرى لما فسد الأمر في بني أمية وهي دولة بني العباس، لكن فتح الأندلس حسنة من حسنات بني أمية.