للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرد على شبهة من قال بأن الوقت الحاضر هو وقت السياسة والدبلوماسية لا السيف والمدفع]

وبعض الناس يقولون: إن هذا الزمن ليس زمن الحروب العسكرية والتغيير العسكري والفتوحات، بل هو زمن الكلام والسياسات، لكن واقع الأمر أنك تشاهد حروباً عسكرية في كل وقت، يلام المسلمون على فتوحاتهم الإسلامية السابقة في بلاد الشمال الإفريقي وفي فارس والروم والأندلس وفي غيرها، ولا تلام إسرائيل مثلاً على ما تفعله في فلسطين وعلى ما فعلته في ١٩٦٧م في مصر وسوريا، وعلى ما فعلته في لبنان على مدى ١٨ سنة، لكن المسلمون دخلوا إلى البلاد لينشروا فيها العدل والرحمة والدين، ويعبّدوا الناس لرب العالمين، وهؤلاء دخلوا ليقتلوا ولينهبوا وليسرقوا وليفعلوا كذا وكذا من الموبقات.

أيلام المسلمون على هذا الفتح المجيد الذي علموا الناس فيه دينهم، ولا تلام إسرائيل على ضرب المفاعل النووي في العراق أو على ضرب تونس، أو على ضرب أمريكا لمصنع الأدوية في السودان؟ ألا تلام أمريكا ودول الغرب على حروب متتالية ضد دولة العراق؟ ولا يتخيل أحد من المسلمين أو غير المسلمين أن الأمريكان دخلوا إلى العراق شفقة على الكويت، وغير معقول أنهم أتوا بنصف مليون جندي شفقة على شعب الكويت أبداً! ألا تلام أمريكا على كل هذه الموبقات التي فُعلت في العراق وعلى تدمير كل الناس وكل البنية التحتية، وعلى وفاة أكثر من نصف مليون طفل عراقي لنقص التطعيمات والغذاء، ويلام المسلمون على نشرهم العلم والدين والرحمة والعدل في ربوع العالم أجمع؟! أيلام الصرب على ما فعلوا في البوسنة والهرسك، وعلى ما فعلوا في كوسوفا من قتل مائتين ألف أو أكثر، وعلى هتك عرض خمسين ألف فتاة مسلمة ويلام المسلمون على الحريات العظيمة التي أعطوها للنصارى ولليهود في زمن حكم الدولة الإسلامية؟ ألا تلام روسيا على اجتياح الشيشان وأفغانستان، وتدمير الكثير من المنشآت المدنية في هذه البلاد، وقتل المدنيين ليل نهار، ويلام المسلمين على نشر العلم في ذات البلاد وكانت من قبل تعبد النار؟ أيلام المسلمون على فتحهم لجمهوريات جنوب روسيا بصفة عامة ولا يلام الروس والصين الذين احتلوا أجزاء كثيرة وحكموا الناس بالحديد والنار أعواماً، وقتلوا كل من كان يخفي في بيته مصحفاً؟ أهذا اللوم يتوجه للمسلمين أو لهؤلاء الذين حكموا باسم الحضارة الحديثة والمدنية والتقدم وما إلى ذلك؟ تاريخ المسلمين فيه أشياء كثيرة جداً من الشرف والعزة والمجد، وهؤلاء يغيّرون من التاريخ حتى يشعر المسلمون بشيء من الاستحياء من تاريخهم، مع أن التاريخ يشرف المسلمين ويعلي من قدرهم، والاستحياء كل الاستحياء يجب أن يكون في صف هؤلاء الذين ادّعوا الحضارة وفعلوا كل هذه الموبقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>