هذا سؤال بخصوص قصة زرياب وأثره على المجتمع الأندلسي؟ إن الفن ليس حراماً مطلقاً كما أنه ليس حلالاً مطلقاً، بل هناك شروط إن لم تتوافر في الفن أصبح حراماً، فالله سبحانه وتعالى ذكر في أواخر سورة الشعراء وهو يستثني الشعر الحلال من الحرام، يقول سبحانه وتعالى:{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ}[الشعراء:٢٢٤ - ٢٢٦].
ثم يستثني سبحانه وتعالى فيقول:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}[الشعراء:٢٢٧].
فالاستثناء ألا يتعارض العمل الأدبي شعراً كان أو غيره مع الإيمان والعمل الصالح، حتى لو وصل هذا الأدب أو هذا العلم أو هذا الشعر إلى أرقى جوائز الأدب في العالم، فإن كان يعارض الشرع والإيمان والعمل الصالح فإن الله سبحانه وتعالى سيحبطه، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}[يونس:٨١].
أما الاستثناء الثاني: فإن الله سبحانه وتعالى يقول في نفس الآية أيضاً: {وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}[الشعراء:٢٢٧]، فلا يلهي هذا العمل الأدبي صاحبه أبداً عن ذكر الله في كل أحواله؛ لأن الأصل هو ذكر الله، والفرع هو قول الشعر أو ما شابهه من أعمال الفن الجائز.
ثم يكمل سبحانه وتعالى فيقول:{وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا}[الشعراء:٢٢٧]، أي: أن يستخدم شعره وأدبه في الدفاع عن الإسلام والنفس والوطن، وتحسين الصورة للشرق والغرب، ودفع الشبهات وغيرها.