لقد خطر في ذهن عبد الرحمن بن معاوية أن يذهب إلى الأندلس، لأنها أصلح الأماكن لاستقباله وذلك لعدة أسباب: أولاً: أن الأندلس أبعد رقعة في بلاد المسلمين عن الدولة العباسية.
ثانياً: أنه يفصل بين الأندلس وبين العباسيين مضيق جبل طارق والبحر الأبيض المتوسط، وهي في قارة مختلفة تماماً، فمن الصعب أن يصل إليها العباسيون إلا بعد فترة من الزمان.
ثالثاً: أن الوضع في الأندلس ملتهب جداً، وقد تحدثنا عنه في الفترة الثانية من عهد الولاة، وهي الفترة التي هرب فيها عبد الرحمن بن معاوية إلى برقة في ليبيا، ففي هذه الفترة كانت ثورات كبيرة جداً في أرض الأندلس، وخلافات كبيرة جداً بين كل القبائل، والناس تكره بشدة يوسف بن عبد الرحمن الفهري الذي يحكم هذه البلاد مستقلاً بها عن الدولة الأموية ثم عن الدولة العباسية بعد قيام الدولة العباسية، ثم ظهرت مملكة ليون في الشمال، وهي أيضاً تحارب المسلمين، ثم ظهر الخوارج في الشمال الإفريقي وهم يحاربون الأندلس، وهكذا أصبحت أرض الأندلس أرضاً ملتهبة تماماً، وفي هذا الجو استطاع عبد الرحمن بن معاوية أن يدخل هذه البلاد، فلو كانت البلاد تبايع الخلافة العباسية أو الخوارج ما استطاع أن يدخلها.
إذاً: الأندلس أنسب الأماكن لاستقبال عبد الرحمن بن معاوية على وعورتها.