للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلخ وقال الثوري في التفرقة بين العمل والإيمان: هُوَ رَأْيٌ مُحْدَثٌ أَدْرَكْنَا النَّاسَ عَلَى غَيْرِهِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: كَانَ مَنْ مَضَى مِنَ السَّلَفِ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالْإِيمَانِ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْأَمْصَارِ: أَمَّا بَعْدُ فإن الإيمان فرائض وشرائع فمن استكملها فقد اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الإيمان. وكلام أئمة الحديث في كتبهم يطول ذكره، وَمِمَّا قَصَدُوهُ بِذَلِكَ الرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ الذين أخرجوا الأعمال من الإيمان أو قصروا الإيمان على بعض أجزائه كمن قال إن الإيمان هو مجرد التصديق أو غير ذلك من مقالات المبتدعة كما سنبينه بمشيئة الله تعالى في الكلام على أقوال المخالفين لأهل السنة من الإيمان، والمقصود هنا تقرير المذهب الصحيح، مذهب أهل السنة والجماعة الذي يقضي بأن الدين الذي لا ينجوا أحد إلا به قول أو عمل، هذا هو معنى الإيمان الذي قصده السلف كما ذكرنا فصار الإيمان يتضمن أموراً أربعة كما هو مفصل في الفقرة التالية.

[ب-الإيمان قول وعمل]

أي قول بالقلب واللسان، وعمل بالقلب واللسان والجوارح، وفيما يلي بيان كل منها:

١-قول القلب: وهو تصديقه وإيقانه. قال تَعَالَى. {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلك جزاء المحسنين} (١) ، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورسوله ثم لم يرتابوا} (٢) أي: صدقوا ثم لم يشكّوا.

٢-قول اللسان: وهو النطق بالشهادتين والإقرار بلوازمهما. قَالَ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يحزنون} (٣) ،


(١) الزمر: ٣٣، ٣٤.
(٢) الحجرات: ١٥.
(٣) الأحقاف: ١٣.

<<  <   >  >>