الثاني: يقظته لفساد مذهبهم، لكنه دخل معهم في جدل طويل بأساليبهم وأقيستهم، وقد استمر على ذلك نحو عشرين سنة ألف فيها أكثر كتبه، ومن هذا الجدل مع المعتزلة ومن هذه الكتب نشأ المذهب المنسوب إليه، وهو الذي اضطر شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم إلى إدحاضه والتنبيه على ما يخالف منه مذهب السلف. أما الدور الثالث من حياة الأشعري: فهو الذي ختم الله به حياته بالحسنى بعد انتقاله من البصرة إلى بغداد واتصاله بأهل الحديث وأتباع الإمام أحمد، وفي هذه الحقبة ألف (مقالات الإسلاميين) و (الإبانة) . ولا شك أن (الإبانة) من آخر مصنفاته إن لم تكن آخرها كما نص عليه مترجموه، ففي هذين الكتابين مذهبه الذي أراد أن يلقى الله عليه. والذي كان عليه في البصرة هو الذي اشتهر عنه وبقي منسوباً إليه وهو بريء من كبراءته من الاعتزال الذي كان من رجاله في صدر حياته.