للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه حاجة مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ، فَنَحْنُ قَائِلُونَ مُصَدِّقُونَ بِمَا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنْ ذِكْرِ النُّزُولِ كَمَا يَشَاءُ رَبُّنَا وَعَلَى مَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ عز وجل غير مكلفين القول بصفته أو بصف الكيفية، بل نقف عند النصوص لا نعدوها ولا نقصر عنها، وقد تكلف جماعة فخاضوا في معنى ذلك، وفي الانتقال أو عدمه وفي خلو العرش منه سبحانه نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَذَلِكَ تَكَلُّفٌ مِنْهُمْ وَدُخُولٌ فِيمَا لَا يَعْنِيهِمْ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ التَّكْيِيفِ لَمْ يَأْتِ فِي لَفْظِ النُّصُوصِ وَلَمْ يَسْأَلِ الصَّحَابَةُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حِينَ حَدَّثَهُمْ بِالنُّزُولِ، فَنَحْنُ نُؤْمِنُ ونصدق به كما آمنوا وصدقوا، فإن قال مُتَنَطِّعٌ: يَلْزَمُ مِنْ إِثْبَاتِ كَذَا كَيْتَ وَكَيْتَ، قُلْنَا لَهُ: أَنْتَ لَا تُلْزِمُنَا نَحْنُ فِيمَا تَدَّعِيهِ وَإِنَّمَا تُلْزِمُ قَائِلَ ذَلِكَ وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَازِمًا لِمَا قَالَهُ حَقِيقَةً وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ، إِذْ لَازِمُ الْحَقِّ حَقٌّ، وَإِنْ لَمْ يكن ذَلِكَ لَازِمًا لَهُ فَأَنْتَ مُعْتَرِضٌ عَلَى النَّبِيِّ =ما قَالَهُ حَقِيقَةً وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ، إِذْ لَازِمُ الحق حق، وإن لم يكن ذَلِكَ لَازِمًا لَهُ فَأَنْتَ مُعْتَرِضٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَاذِبٌ عَلَيْهِ مُتَقَدِّمٌ بين يديه، فخير لك عدم الخوض فيما لا تعلمه، ونحن لا نعلم كيفية صفاته تعالى فلا نستطيع أن نجعل لوازمها في حق البشر لازمة في حقه تعالى. ‍

[٢٥-إثبات أنه تعالى يرى في الآخرة الجنة:]

-قال تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (١) ، وَقَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ الْكُفَّارِ: {كَلَّا إِنَّهُمْ عن ربهم يومئذ لمحجوبون} (٢) ، وقال تعالى {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} (٣) والمراد بالزيادة رؤيته تعالى كما سيأتي في الحديث الصحيح إن شاء الله تعالى.

-وأما الأدلة من السنة، فمنها ما رواه مُسْلِمٍ عَنْ صُهَيْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يَقُولُ اللَّهُ عز وجل:


(١) القيامة: ٢٢، ٢٣.
(٢) المطففين: ١٥.
(٣) يونس: ٢٦.

<<  <   >  >>