للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقيقة وأضافوا الكفر والإيمان الذي هو عمل العباد القائم بهم وكسبهم إليهم حقيقة، فالله خالق والعبد مخلوق والله هاد أو مضل والعبد مهتد أو ضال، فالفعل (١)

يضاف لله والانفعال (٢) يضاف للعبد فالهداية منه تعالى والاهتداء من العبد وهكذا ...

[أ-أدلة أهل السنة على مذهبهم]

-قال تَعَالَى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أن يشاء الله رب العالمين} (٣) .

فالآيات تدل على أن للعباد قدرة على أعمالهم ولهم مشيئة واختيار وإن ذلك كله لا يتم لهم إلا بإذن الله ومشيئته، والله تعالى هو خَالِقُهُمْ وَخَالِقُ قُدْرَتِهِمْ وَمَشِيئَتِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، وَهُوَ تَعَالَى الَّذِي مَنَحَهُمْ إِيَّاهَا وَأَقْدَرَهُمْ عَلَيْهَا وَجَعَلَهَا قَائِمَةً بِهِمْ مُضَافَةً إِلَيْهِمْ حَقِيقَةً، وَبِحَسَبِهَا كُلِّفُوا وعليها يُثَابُونَ وَيُعَاقَبُونَ، وَلَمْ يُكَلِّفْهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا وسعهم ولم يحملهم إلا طاقتهم، قال تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لما ما كسبت وعليها ما اكتسبت} (٤) .


(١) أي: الخلق..
(٢) أي: العمل والكسب كما قال تَعَالَى: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [السجدة: ١٤] ، وقال: {فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون} [الأعراف: ٣٩] ، وقال أيضاً: {وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شهوداً إذ تفيضون فيه} [يونس: ٦١] ، وقد يسمى ذلك فعلاً ويضاف للعبد بهذا المعنى لا بمعنى الخلق، كما قال عز وجل: {إن الله يعلم ما تفعلون} [النحل:: ٩١] ، وقال تعالى في جانب الشر: {كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} [المائدة: ٧٩] ، وقال في جانب الخير: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} [الحج: ٧٧] ، أي اعملوه وليس المعنى اخلقوه، وأما ما قصده الشيخ رحمه الله بإضافة الفعل إلى الله والانفعال إلى العبد، وأن من أضاف الفعل للعبد فقد كفر، فالمراد بذلك خلق الفعل لا أداؤه واكتسابه والله أعلم.
(٣) التكوير: ٢٧ - ٢٩.
(٤) البقرة: ٢٨٦.

<<  <   >  >>