وَتَأَوَّلُوا الْوُرُودَ بِرُؤْيَةِ النَّارِ لَا أَنَّهُ الدُّخُولُ وَالْمُرُورُ عَلَى ظَهْرِهَا، وَذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ مَنْ دَخَلَ النَّارَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَلَوْ بِالْإِصْرَارِ عَلَى صَغِيرَةٍ، فَخَالَفُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْجَمَاعَةَ وَرَدُّوا الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي الْوُرُودِ وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ وَالشَّفَاعَةِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِيمَا رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو ابن دِينَارٍ أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ مَارَى ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْوُرُودِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هُوَ الدُّخُولُ. وقال نافع: ليس الورود الدخول. فتلا ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أنتم لها واردون} (١) أَدَخَلَهَا هَؤُلَاءِ أَمْ لَا؟ ثُمَّ قَالَ: يَا نَافِعُ، أَمَا وَاللَّهِ أَنْتَ وَأَنَا سَنَرِدُهَا وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَنِي اللَّهُ مِنْهَا، وَمَا أَرَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُخْرِجَكَ مِنْهَا بِتَكْذِيبِكَ.
[١٤-الاقتصاص من الظالم للمظلوم]
-روى البخاري رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ من سيئات أخيه فطرحت عليه) .
-وَلَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم -: (يخلص المؤمنون من النار فيحسبون عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَقُصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا هُذِّبوا ونُقُّوا أَذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ في الدنيا) .
(١) الأنبياء: ٨٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute