للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-وقرأ قارئ بحضرة هَؤُلَاءِ: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (١) فَقَالَ: هُوَ اللَّهُ مَنَعَهُ. وَلَوْ قَالَ إِبْلِيسُ ذَلِكَ لَكَانَ صَادِقًا، وَقَدْ أَخْطَأَ إِبْلِيسُ الْحُجَّةَ وَلَوْ كُنْتُ حَاضِرًا لَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ مَنَعْتَهُ.

-وسمع هَؤُلَاءِ قَارِئًا يَقْرَأُ: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا العمى على الهدى} (٢) فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ هَذَا شَيْءٌ، بَلْ أَضَلَّهُمْ وأعماهم.

[جـ- القدرية وما جاء في ذمهم وحكمهم من النصوص والآثار وأقوال الأئمة]

القدرية هم الذين يقولون لا قدر ويجعلون العبد خالق فعل نفسه.

وأول من أحدث هذه البدعة فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَعْبَدُ الْجُهَنِيُّ فِي آخِرِ عصر الصحابة كما قدمناه عن يحي بن معمر في سياق حديث جبريل في سُؤَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الدِّينِ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ وَأَئِمَّةُ التَّابِعِينَ وتبرؤا من هذا الاعتقاد وكفروا منتحليه ونفعوا عَنْهُ الْإِيمَانَ وَأَوْصَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِمُجَانَبَتِهِ وَالْفِرَارِ من مجالسته، ثم تقلد عنه الْمَذْهَبَ الْفَاسِدَ وَالسُّنَّةَ السَّيِّئَةَ الَّتِي انْتَحَلَهَا هُوَ رءوس الْمُعْتَزِلَةِ وَأَئِمَّتُهُمُ الْمُضِلُّونَ كَوَاصِلِ بْنِ عَطَاءٍ الْغَزَّالِ، وعمر بْنِ عَبِيدٍ، وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ وَعَلَى طَرِيقَتِهِمْ حَتَّى بَالَغَ بَعْضُهُمْ فَأَنْكَرَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْكَرَ كِتَابَةَ الْمَقَادِيرِ السَّابِقَةِ وَجَعَلَ الْعِبَادَ هُمُ الْخَالِقِينَ لِأَفْعَالِهِمْ، وَلِهَذَا كَانُوا هُمْ مَجُوسُ هَذِهِ الأمة. وقد تعددت النصوص وأقوال أئمة السلف في ذمهم وأنهم مبتدعة ومن جحد منهم علم الله الأزلي فهو كافر ومن كان منهم داعية لذلك الباطل فإنه يقتل، وفيما يلي طرف من تلك النصوص والآثار وكلام أئمة السلف وعلمائهم في ذلك:


(١) ص: ٧٥.
(٢) فصلت: ١٧.

<<  <   >  >>