للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: لَا، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ: وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: (الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الأسير وأنْ لا يقتل مسلم بكافر) .

وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أُنَاسًا يَأْتُونَ فَيُخْبِرُونَا أَنَّ عِنْدَكُمْ شَيْئًا لَمْ يُبْدِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنَّاسِ , فَقَالَ ابن عباس رضي الله عنهما: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (١) ، وَاللَّهِ مَا وَرَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ) . وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وتقدم قول عائشة رضي الله عنها (٢) : ومن حدثك أنه كتم فقد كذب - ثم قرأت: {أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ ربك} (٣) الآية -.

الثَّالِثَةُ: أَنَّ هَذَا الَّذِي بَلَّغَهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى هُوَ جَمِيعُ دِينِ الْإِسْلَامِ مُكْمَلاً مُحْكَمًا لَمْ يَبْقَ فِيهِ نَقْصٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى تكميل، {ما فرطنا في الكتاب من شيء} (٤) فَكَمَا أَنَّ الْإِمَامَ الْمُبِينَ قَدْ أَحْصَى كُلَّ مَا هُوَ كَائِنٌ، كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَكَذَلِكَ هَذَا الْقُرْآنُ وافٍ شافٍ كافٍ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَفُرُوعِهَا وَأَقْوَالِهَا وَأَعْمَالِهَا وَسِرِّهَا وَعَلَانِيَتِهَا، فَمَنْ لَمْ يَكْفِهِ فَلَا كُفِي، ومن لم يشفه فلا شفي {أو لم يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (٥) ، وَكَمَا وَفَّى بِتَقْرِيرِ الدِّينِ وَتَكْمِيلِهِ وَشَرْحِهِ وَتَفْصِيلِهِ كذلك هو وافٍ بالذبِّ عنه


(١) المائدة: ٦٧.
(٢) انظر ص: ٣٥٠.
(٣) المائدة: ٦٧.
(٤) الأنعام: ٣٨.
(٥) العنكبوت: ٥١.

<<  <   >  >>