للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَّا بِمَحَبَّةِ مَا يُحِبُّهُ وَكَرَاهَةِ مَا يَكْرَهُهُ فَلَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا يُحِبُّهُ تَعَالَى وَيَرْضَاهُ وَمَا يَكْرَهُهُ وَيَأْبَاهُ إِلَّا بِاتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ فَصَارَتْ مَحَبَّتُهُ مستلزمة لمحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتصديقه ومتابعته، ولهذا قرن محبته بمحبة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يهدي القوم الفاسقين} (١) .

[٨-بيان أنه لا تناقض بين أحاديث أن الشهادتين سبب لدخول الجنة، وأحاديث الوعيد بالنار أو تحريم الجنة على من فعل بعض الذنوب، ونحو ذلك من أحاديث الوعد والوعيد]

ذكر ابن رجب رحمه الله أن أظهر الأقوال في ذلك (٢) أن المراد من الأحاديث الدالة على أن الشهادتين تدخل صاحبهما الجنة (٣) وأن (من صلى البردين دخل الجنة) (٤) ونحو ذلك أن هذه الأعمال سبب لدخول الجنة ومقتضٍ لذلك، وكذا أحاديث الوعيد، التي مضمونها أن من فعل كذا من الأفعال دخل النار أو لم يدخل الجنة، فالمراد أن ذلك سبب مقتضٍ لدخول


(١) التوبة: ٢٤.
(٢) وكذا اختاره ابن تيمية رحمه الله في أكثر من موضع في الفتاوى منها على سبيل المثال ج ٦ ص:٤٢٦-٤٢٨.
(٣) سبق ذكر بعضها في الكلام على شروط لا إله إلا الله، وفي صحيح الجامع رقم ٦٣١٠: (مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، نَفَعَتْهُ يوماً من دهره، يصيبه قبل ذلك ما أصابه) . وقد أورده الشيخ رحمه الله في معارج القبول.
(٤) رواه البخاري في مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة الفجر، ومسلم في المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، انظر الفتح ج٢ حديث ٥٧٤، شرح النووي على صحيح مسلم ج٥ ص: ١٣٥.

<<  <   >  >>