للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عز وجل وأنه لا يكون في ملكه إلا ما شاءه وقدره، وقسم نفوا تقدير الشر دون الخير، وَهَذَا رَاجِعٌ إِلَى مَذْهَبِ الْمَجُوسِ الثَّنَوِيَّةِ الَّذِينَ أثبتوا خالقين خالقاً للخير وخالقاً للشر، فحبهم الله تعالى.

[هـ-الجبرية]

وهؤلاء يجعلون الإنسان مجبوراً على الخير والشر، فهم في الطرف المضاد للقدرية، وهم لا يثبتون الإرادة الشرعية ويجعلون المعاصي طاعات ويقولون: أطعنا مشيئة الله الكونية فينا، والعجب أن هذا المذهب موروث عن الجهم الذي لا يثبت لله فعلاً، ثم يجعل أفعال العبد هي أفعال الله (١) .


(١) ومن القرق الملحدة في توحيد المعرفة والإثبات:
١

-الفلاسفة:

وهم قوم نظروا في كتب فلاسفة اليونان كأرسطو وأفلاطون وأفلوطين وأخذوا خزعبلاتهم ليوفقوا بينها وبين عقائد الدين، فجعلوا الله تعالى موجوداً وجوداً مطلقاً لبلا تعين، أي جعلوا وجوده في الأذهان فقط كأمر تقديري صرف ونفوا جميع الصفات الوجودية. ومن جهة أخرى لا يقرون بتوحيد الربوبية فالله عندهم ليس خالقاً ولا مدبراً لهذا الكون، ولا عالماً بما فيه، وإنما ينسبون كل ذلك إلى ما يسمونه العقل الفعال أو عقل القمر فأثبتوا واسطة في الخلق.
٢-المعتزلة:
وهؤلاء يثبتون أسماء بلا معاني، فبينما ينكر الجهمية الأسماء ابتداءً فيقولون: ليس بسميع ولا بصير، فينكرون الأسماء والصفات جميعاً - كما قدمنا - فإن هؤلاء

المعتزلة يقولون: سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، قدير بلا قدرة ... وهكذا ... ويقولون: بخلق القرآن، ولهم ضلالات في نواح متعددة لكن ما نذكره هنا عن هذه الفرق إنما هو فيما يتعلق بتوحيد المعرفة والإثبات. ومنشأ المعتزلة أن تلميذاً لحسن البصري هو واصل بن عطاء اعتزله لسبب ما وعمل له في حلقة في المسجد يقرر فيها آراءه فسمي هو وأصحابه بالمعتزلة، وكانوا يقدسون العقل ويجعلونه المصدر الأول للاعتقاد.
٣

-الأشاعرة:
(نسبة لأبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، وقد رجع إلى مذهب أهل السنة في آخر أدوار حياته) :
وهؤلاء يثبتون لله سبع صفات يسمونها صفات المعاني، وهي العلم والقدرة والإرادة والحياة والسمع والبصر والكلام، ويأولون بقية الأسماء والصفات، أما قولهم في القرآن فسبق ذكره حيث قالوا: = =المعاني مسموعة حقيقة والألفاظ مخلوقة!! والأشاعرة يجعلون اهتمامهم كله في إثبات انفراد الله بالخلق والاختراع - إثبات الربوبية- ولا يهتمون بتوحيد الألوهية الذي هو أصل بعثة الرسل وقلما يذكرونه في كتبهم، لذا انخرط كثير منهم في بدع الصوفية والطرق الشركية.
انظر دعوة التوحيد، الدكتور محمد خليل هراس ص ٢٧٠، ٢٧٤.

<<  <   >  >>