للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الربوبية والإلهية في الشدة. قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر إذا هم يشركون} (١) وفي حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِيهِ حُصَيْنٍ قَبْلَ إِسْلَامِهِ: (كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ مِنْ إِلَهٍ) ؟ قَالَ: سَبْعَةَ آلِهَةٍ، سِتَّةً فِي الْأَرْضِ وَوَاحِدًا فِي السَّمَاءِ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فَمَنْ تُعِدُّ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ) ؟ قَالَ: الذي في السماء) . قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب (٢) .

[٣- تلازم أنواع التوحيد وفساده بفساد أحدها]

ما ذكرناه من أن عباد الأوثان مقرون لله بالربوبية وَشَاهِدُونَ بِتَفَرُّدِ اللَّهِ بِذَلِكَ وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا أَشْرَكُوا بالله في الإلهية حيث عبدوا معه غيره فهذا في الظاهر، وإلا فأنواع التوحيد متلازمة فمن صرف عبادة كالدعاء لوثن من الأوثان وطلب منه أن يختار له ما فيه مصلحته (يسافر أو لا يسافر، يفعل هذا الأمر أو لا يفعله، هل يضره ذلك الشيء أو لا يضره، ... إلى آخره مما كان يفعله المشركون وينتظرون فيه الجواب من الآلهة المدعاة) فمن فعل ذلك فقد نسب للوثن القدرة وعلم الغيب وما لا يقدر عليه إلا الله، وذلك من خصائص الربوبية، لذا فشركهم هذا في العبادة يتضمن شركاً في الربوبية، وهذا الأمر ظاهر كذلك في عبّاد القبور والأضرحة في كل مكان وزمان يطلبون من معبوداتهم


(١) العنكبوت: ٦٥.
(٢) وقال ابن القيم رحمه الله: (حديث صحيح، وزاد الحاكم ... وإسناده على شرط الصحيحين) اهـ. الوابل الصيب ص١٣٧.
وحسنه الأرناؤوط حفظه الله في جامع الأصول ج٤ ص٣٤٢.
وأما الألباني حفظه الله فذكره في ضعيف سنن الترمذي رقم ٦٩٠.
وفي سند الحديث شبيب بن شيبة التيمي، صدوق يهم في الحديث. تقريب التهذيب، ش: ١٣.
والحديث في سنن الترمذي، كتاب الدعوات، باب رقم ٧٠ وقال الترمذي: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حصين من غير هذا الوجه.

<<  <   >  >>