للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الظالمون} (١) . {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الفاسقون} (٢) .


(١) المائدة: ٤٥.
(٢) المائدة: ٤٧.

والحكم بغير ما أنزل الله عز وجل قد يكون كفراً أصغر كما لو حملته شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله لرشوة أو غيرها مع اعترافه أنه مستحق للعقوبة (انظر مدارج السالكين ج١ ص٣٣٦، شرح الطحاوية ص ٣٦٣-٣٦٤) وقد يكون كفراً أكبر وأغلظه وأعظمه ما كان تشريعاً غير مستمد من شرع الله سواء خالف شرع الله أم وافقه. قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون} [المائدة: ٥٠] : = =ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما أن أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان الذي وضع لهم الياسق وهو عبارة عن مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير. اهـ.
وقال الشنقيطي رحمه الله عند كلامه على قول الحق تبارك وتعالى: {ولا يشرك في حكمه أحداً} [الكهف: ٢٦] : (وحكمه جل وعلا المذكور في قوله: {ولا يشرك في حكمه أحداً} شامل لكل ما يقضيه جل وعلا ويدخل في ذلك التشريع دخولاً أولياً) . ثم قال - بعد أن ذكر عدداً من الآيات في ذلك - (وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة ما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم، أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم) أضواء البيان (٤/٤٠٧٢) وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في كتابه نقد القومية العربية ص: ٥٠ (الوجه الرابع من الوجوه الدالة على بطلان الدعوة إلى القومية العربية أن يقال إن الدعوة إليها والتكتل حول رايتها يفضي بالمجتمع ولابد إلى رفض حكم القرآن لأن القوميين غير المسلمين بن يرضوا تحكيم القرآن فيوجب ذلك لزعماء القومية أن يتخذوا أحكاماً وضعية تخالف حكم القرآن حتى يستوي مجتمع القومية في تلك الأحكام وقد صرح الكثير منهم بذلك كما سلف وهذا هو الفساد العظيم والكفر المستبين والردة السافرة) عن أهمية الجهاد ص١٩٦-١٩٧، وللمزيد انظر تحكيم القوانين لمحمد بن إبراهيم، والإمامة العظمى لعبد الله بن سليمان الدميجي ص: ١٠٠-١١٠ وأهمية الجهاد للدكتور علي بن نفيع العلياني ص١٩٠-١٩٨، والولاء والبراء لمحمد بن سعيد القحطاني ص٦٧-٦٩، ٧٧ وفيه كلام مفيد منقول عن ابن تيمية في منهاج السنة، وانظر أيضاً تعليق الشيخ أحمد شاكر على المسند (٦/٣٠٣-٣٠٥) ، وراجع كتاب الشريعة الإلهية لا القوانين الجاهلية. للشيخ عمر الأشقر حفظه الله.

<<  <   >  >>