الْوَطْءَ حَتَّى يُشْهِدَ، وَبِهِ قال إسحاق: فإن وطأ وَلَمْ يَنْوِ الرَّجْعَةَ، فَقَالَ مَالِكٌ: يُرَاجِعُ فِي الْعِدَّةِ وَلَا يَطَأُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَمْ يَنْكِحْهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ فِي مُدَّةِ بَقِيَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ، فَإِنْ فَعَلَ فُسِخَ نِكَاحُهُ وَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا جَامَعَهَا فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ نَوَى بِذَلِكَ الرَّجْعَةَ أَمْ لَا، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قال أبو عمرو: لا أَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ عَلَيْهِ مَهْرَ الْمِثْلِ غَيْرَ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ إِلَّا بِالْقَوْلِ، وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَأَبُو ثَوْرٍ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي (الْمُنْتَقَى) : وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الِارْتِجَاعِ بِالْقَوْلِ، وَلَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ أَثِمَ عِنْدَ مَالِكٍ، وَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يُشْهِدَ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ: إِنْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ، أَوْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ فَهُوَ رَجْعَةٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ.
وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا قَبْلَ ارْتِجَاعِهَا؟ مَنَعَهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ؟ وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ: إِنَّ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا قَبْلَ الرَّجْعَةِ.
وَهَلْ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا وَيَرَى شَيْئًا مِنْ مَحَاسِنِهَا وَتَتَزَيَّنَ لَهُ أَوْ تَتَشَوَّفَ؟ أَجَازَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذْنٍ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا إِلَّا وَعَلَيْهَا ثِيَابُهَا، وَلَا يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِهَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَاكِلَهَا إِذَا كَانَ مَعَهَا غَيْرُهَا، وَلَا يَبِيتُ مَعَهَا فِي بَيْتٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا، وَلَا يَرَى شَعْرَهَا، وَقَالَ سَعِيدٌ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا إِذَا دَخَلَ وَيُسَلِّمُ، أو يشعرها بالتنخم وَالتَّنَحْنُحِ، وَتَلْبَسُ مَا شَاءَتْ مِنَ الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إِلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَلْيَجْعَلَا بَيْنَهُمَا سِتْرًا وَقَالَ: الشَّافِعِيُّ هِيَ مُحَرَّمَةٌ تَحْرِيمَ الْمَبْتُوتَةِ حَتَّى تُرَاجَعَ بِالْكَلَامِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُطَلِّقَ إِذَا قَالَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِامْرَأَتِهِ: كُنْتُ رَاجَعْتُكِ فِي الْعِدَّةِ، وَأَنْكَرَتْ! أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا وَفِيهِ خِلَافٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ، فَلَوْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ أَمَةً، وَالزَّوْجُ ادَّعَى الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ الْأَمَةِ، وَإِنْ كَذَّبَهَا مَوْلَاهَا! هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا.
إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً هَذَا شَرْطٌ آخَرُ حُذِفَ جَوَابُهُ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute