للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي رَمَوْهُ بِهِ، وَقَالَ مُؤَرَّجٌ السُّدُوسِيُّ: السُّوءُ الْجُنُونُ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ وَهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ تَفْكِيكٌ لِنَظْمِ الْكَلَامِ وَاقْتِصَارٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ جَوَابُ لَوْ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ فَقَطْ وَتَقْدِيرُ حُصُولِ عِلْمِ الْغَيْبِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الأمر أن لَا أَحَدُهُمَا فَيَكُونَ إِذْ ذَاكَ جَوَابًا قَاصِرًا.

إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ لَمَّا نَفَى عَنْ نَفْسِهِ عِلْمَ الْغَيْبِ أَخْبَرَ بِمَا بُعِثَ بِهِ مِنَ النِّذَارَةِ وَمُتَعَلِّقُهَا الْمُخَوَّفَاتُ والبشارة ومتعلقها بالمحبوبات وَالظَّاهِرُ تَعَلُّقُهُمَا بِالْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ منفعتهما معا وجدوا هما لَا يَحْصُلُ إِلَّا لَهُمْ وَقَالَ تَعَالَى: وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ «١» . وَقِيلَ مَعْنَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يَطْلُبُ مِنْهُمُ الْإِيمَانَ وَيُدْعَوْنَ إِلَيْهِ وَهَؤُلَاءِ النَّاسُ أَجْمَعُ، وَقِيلَ: أَخْبَرَ أَنَّهُ نَذِيرٌ وَتَمَّ الْكَلَامُ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ نَذِيرٌ لِلْعَالَمِ كُلِّهِمْ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ بَشِيرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ فَهُوَ وَعْدٌ لِمَنْ حَصُلَ لَهُ الْإِيمَانُ، وَقِيلَ حُذِفَ مُتَعَلِّقُ النِّذَارَةِ وَدَلَّ عَلَى حَذْفِهِ إِثْبَاتُ مُقَابِلِهِ وَالتَّقْدِيرُ نَذِيرٌ لِلْكَافِرِينَ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ كَمَا حُذِفَ الْمَعْطُوفُ فِي قَوْلِهِ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ «٢» أَيْ وَالْبَرْدَ وَبَدَأَ بِالنِّذَارَةِ لِأَنَّ السَّائِلِينَ عَنِ السَّاعَةِ كَانُوا كُفَّارًا إِمَّا مُشْرِكُو قُرَيْشٍ وَإِمَّا الْيَهُودُ فَكَانَ الِاهْتِمَامُ بِذِكْرِ الْوَصْفِ مِنْ قَوْلِهِ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ آكَدُ وَأَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[سُورَةُ الأعراف (٧) : الآيات ١٨٩ الى ٢٠٦]

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١٩٣)

إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٩٤) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (١٩٥) إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٧) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لَا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (١٩٨)

خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (٢٠١) وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (٢٠٢) وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ مَا يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٠٣)

وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤) وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (٢٠٥) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (٢٠٦)


(١) سورة يونس: ١٠/ ١٠١.
(٢) سورة النحل: ١٦/ ٨١. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>