للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذِهِ بِقَوْلِهِ: وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ وَهَذِهِ بِقَوْلِهِ: وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ لِأَنَّ الْمُنْكَرَ عَلَيْهِمْ فِي تِلْكَ هُوَ الْكُفْرُ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَهِيَ أَخَصُّ مِنَ الْحَقِّ، لِأَنَّ آيَاتِ اللَّهِ بَعْضُ الْحَقِّ، وَالشَّهَادَةُ أَخَصُّ مِنَ الْعِلْمِ، فَنَاسَبَ الْأَخَصُّ الْأَخَصَّ، وَهُنَا الْحَقُّ أَعَمُّ مِنَ الْآيَاتِ وَغَيْرِهَا، وَالْعِلْمُ أَعَمُّ مِنَ الشَّهَادَةِ، فَنَاسَبَ الْأَعَمُّ الْأَعَمَّ. وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ: وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَيْ: أَنَّهُ نَبِيٌّ حَقٌّ، وَأَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ عِنْدِ اللَّهِ حَقٌّ. وَقِيلَ: قَالَ: وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ لِيَتَبَيَّنَ لَهُمُ الْأَمْرُ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ التَّكْلِيفُ، وَيَقُومُ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ. وَقِيلَ: وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ الْحَقَّ بِمَا عَرَفْتُمُوهُ مِنْ كُتُبِكُمْ وَمَا سَمِعْتُمُوهُ مِنْ أَلْسِنَةِ أَنْبِيَائِكُمْ.

وَفِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْبَدِيعِ. الطِّبَاقُ فِي قَوْلِهِ: الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَالطِّبَاقُ الْمَعْنَوِيُّ فِي قَوْلِهِ: لِمَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إِقْرَارٌ وَإِظْهَارٌ، وَالْكُفْرُ سَتْرٌ.

والتجنيس المماثل في: يضلونك وما يضلون وَالتَّكْرَارُ فِي: أَهْلِ الْكِتَابِ. وَالْحَذْفُ فِي مَوَاضِعَ قَدْ بينت.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٧٢ الى ٧٤]

وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢) وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٧٣) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٧٤)

وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ قَالَ الْحَسَنُ، وَالسُّدِّيُّ: تَوَاطَأَ اثْنَا عَشَرَ حَبْرًا مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ وَقُرَى عَرِينَةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْخُلُوا فِي دِينِ مُحَمَّدٍ أَوَّلَ النَّهَارِ بِاللِّسَانِ دُونَ الِاعْتِقَادِ، وَاكْفُرُوا بِهِ فِي آخِرِ النَّهَارِ، وَقُولُوا إِنَّا نَظَرْنَا فِي كُتُبِنَا، وَشَاوَرْنَا عُلَمَاءَنَا، فَوَجَدْنَا مُحَمَّدًا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَظَهَرَ لَنَا كَذِبُهُ وَبُطَلَانُ دِينِهِ، فَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ شَكَّ أَصْحَابُهُ فِي دِينِهِمْ، وَقَالُوا: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَهُمْ أَعْلَمُ مِنَّا، فَيَرْجِعُونَ عَنْ دِينِهِمْ إِلَى دِينِكُمْ، فَنَزَلَتْ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَمُقَاتِلٌ، وَالْكَلْبِيُّ: هَذَا فِي شَأْنِ الْقِبْلَةِ، لَمَّا صُرِفَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ شَقَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>