يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ» .
وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقِيلَ: هُوَ مَجَازٌ لِلذِّلَّةِ الْمُفْرِطَةِ وَالْهَوَانِ وَالْخِزْيِ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ مَرَّ فُلَانٌ عَلَى وَجْهِهِ إِذَا لَمْ يَدْرِ أَيْنَ ذَهَبَ. وَيُقَالُ: مَضَى عَلَى وَجْهِهِ إِذَا أسرع متوجها لقصده وشَرٌّ وأَضَلُّ ليسيا عَلَى بَابِهِمَا مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّفْضِيلِ. وَقَوْلُهُ شَرٌّ مَكاناً أَيْ مُسْتَقَرًّا وَهُوَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْمَكَانِ الْمَكَانَةُ وَالشَّرَفُ لَا الْمُسْتَقَرُّ.
وَأَعْرَبُوا الَّذِينَ مُبْتَدَأً وَالْجُمْلَةَ مِنْ أُوْلئِكَ فِي مَوْضِعِ الْخَبَرِ وَيَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ لَمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْكَافِرِينَ وَمَا قَالُوا قَالَ إِبْعَادًا لَهُمْ وَتَسْمِيعًا بِمَا يؤول إِلَيْهِ حَالُهُمْ هُمُ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ إِخْبَارًا أَخْبَرَ عَنْهُمْ فَقَالَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً
[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٣٥ الى ٤٤]
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (٣٧) وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (٣٨) وَكُلاًّ ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً (٣٩)
وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُوراً (٤٠) وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً (٤١) إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٢) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٤)
لَمَّا تَقَدَّمَ تَكْذِيبُ قُرَيْشٍ وَالْكَفَّارِ لِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ تَعَالَى مَا فِيهِ تَسْلِيَةٌ لِلرَّسُولِ وَإِرْهَابٌ لِلْمُكَذِّبِينَ وَتَذْكِيرٌ لَهُمْ أَنْ يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ الْأُمَمَ السَّابِقَةَ مِنْ هَلَاكِ الِاسْتِئْصَالِ لَمَّا كَذَّبُوا رُسُلَهُمْ، فَنَاسَبَ أَنْ ذَكَرَ أَوَّلًا مَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ كِتَابُهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَمَعَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute