وَمُدَرَّعٍ فَصَبَرُوا لَهُمْ وَأَسَرُوا أَكَابِرَهُمْ وَقَتَلُوا مَلِكَ قَشْتَالَةَ دُونْ جُوَانَ وَنَجَا أَخُوهُ دُونْ بَطَرَ مَجْرُوحًا وَكَانَ مُلُوكُ النَّصَارَى مَلِكُ قَشْتَالَةَ الْمَذْكُورُ وَمَلِكُ إِفْرَنْسَةَ وَمَلِكُ يُوطَقَالَ وَمَلِكُ غَلْسِيَّةَ وَمَلِكُ قَلْعَةِ رَبَاحٍ قَدْ خَرَجُوا عَازِمِينَ عَلَى اسْتِئْصَالِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْجَزِيرَةِ فَهَزَمَهُمُ اللَّهِ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (فَإِنْ قُلْتَ) : لِمَ كَرَّرَ الْمَعْنَى الْوَاحِدَ وَهُوَ مُقَاوَمَةُ الْجَمَاعَةِ لِأَكْثَرَ مِنْهَا مَرَّتَيْنِ قَبْلَ التَّخْفِيفِ وَبَعْدَهُ، (قُلْتُ) : لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْحَالَ مَعَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَاحِدَةٌ وَلَا تَتَفَاوَتُ لِأَنَّ الْحَالَ قَدْ تَتَفَاوَتُ بَيْنَ مُقَاوَمَةِ الْعِشْرِينَ لِلْمِائَتَيْنِ وَالْمِائَةِ لِلْأَلْفِ فَكَذَلِكَ بَيْنَ الْمِائَةِ لِلْمِائَتَيْنِ وَالْأَلْفِ لِلْأَلْفَيْنِ انْتَهَى، وَمَعْنَى بِإِذْنِ اللَّهِ بِإِرَادَتِهِ وَتَمْكِينِهِ وَفِي قَوْلِهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ تَرْغِيبٌ فِي الثَّبَاتِ لِلِقَاءِ الْعَدُوِّ وَتَبْشِيرٌ بِالنَّصْرِ وَالْغَلَبَةِ لِأَنَّهُ مَنْ كَانَ اللَّهُ مَعَهُ هُوَ الْغَالِبُ، وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ حَرِّصِ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مِنَ الْحِرْصِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِالضَّادِ، وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ عَلَى التَّذْكِيرِ فِيهِمَا وَرَوَاهَا خَارِجَةٌ عَنْ نَافِعٍ، وَقَرَأَ الْحَرَمِيَّانِ وَابْنُ عَامِرٍ عَلَى التَّأْنِيثِ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو عَلَى التَّذْكِيرِ فِي الْأَوَّلِ وَلَحَظَ يَغْلِبُوا وَالتَّأْنِيثِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَحَظَ صابِرَةٌ، وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ عَلَى التَّأْنِيثِ كُلَّهَا إِلَّا قَوْلَهُ: وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ فَإِنَّهُ عَلَى التَّذْكِيرِ بِلَا خِلَافٍ، وَقَرَأَ الْمُفَضَّلُ عَنْ عَاصِمٍ وعلم مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَقَرَأَ الْحَرَمِيَّانِ وَالْعَرَبِيَّانِ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ وَالْأَعْرَجُ وَابْنُ الْقَعْقَاعِ وَقَتَادَةُ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ضَعْفاً وَفِي الرُّومِ بِضَمِّ الضَّادِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ بِضَمِّهِمَا وَحَمْزَةُ وَعَاصِمٌ بِفَتْحِ الضَّادِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَهِيَ كُلُّهَا مَصَادِرُ، وَعَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ ضَمُّ الضَّادِ لُغَةُ الْحِجَازِ وَفَتْحُهَا لُغَةِ تَمِيمٍ، وَقَرَأَ ابْنُ الْقَعْقَاعِ ضَعْفاً جَمْعُ ضَعِيفٍ كَظَرِيفٍ وَظُرَفَاءَ وَحَكَاهَا النَّقَّاشُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقِيلَ الضَّعْفُ فِي الْأَبْدَانِ، وَقِيلَ فِي الْبَصِيرَةِ والاستقامة في الذين وَكَانُوا مُتَفَاوِتِينَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الثَّعَالِبِيُّ الضَّعْفُ بِفَتْحِ الضَّادِ فِي الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ وَالضُّعْفِ فِي الْجِسْمِ، وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَهَذَا قول تَرُدُّهُ الْقِرَاءَةُ انْتَهَى.
مَا كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٦٨ الى ٦٩]
لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٦٨) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٩)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute