للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ

«١» الْآيَةَ، وَارْتِفَاعُ: عَذَابٌ، عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ بِالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ قَبْلَهُ، لِأَنَّهُ قَدِ اعْتَمَدَ عَلَى أُولَئِكَ، لِكَوْنِهِ خَبَرًا عَنْهُ وَيَجُوزُ ارْتِفَاعُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ.

وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِ هَذِهِ الجملة، وَهَذَا إِخْبَارٌ ثَالِثٌ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُ لَا خَلَاصَ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ بِبَذْلِ الْمَالِ بَيَّنَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا خَلَاصَ لَهُ مِنْهُ بِسَبَبِ النُّصْرَةِ، وَانْدَرَجَ فِيهَا النُّصْرَةُ بِالْمُغَالَبَةِ، وَالنُّصْرَةُ بِالشَّفَاعَةِ.

وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَصْنَافِ الْبَدِيعِ: الطِّبَاقُ: فِي قَوْلِهِ: طَوْعًا وَكَرْهًا. وَفِي:

كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ فِي مَوْضِعَيْنِ. وَالتَّكْرَارَ: فِي: يَهْدِي وَلَا يَهْدِي. وَفِي: كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ. وَالتَّجْنِيسَ الْمُغَايِرَ: في كفروا وكفرا. وَالتَّأْكِيدُ: بِلَفْظٍ: هُمْ، فِي قَوْلِهِ: وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ. قِيلَ: وَالتَّشْبِيهَ فِي: ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا، شَبَّهَ تَمَادِيَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ وَإِجْرَامِهِمْ بِالْأَجْرَامِ الَّتِي يُزَادُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَهُوَ مِنْ تَشْبِيهِ الْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ. وَالْعُدُولَ مِنْ مِفْعَلٍ إِلَى فَعِيلٍ، فِي: عَذَابٌ أَلِيمٌ، لِمَا فِي: فَعِيلٍ، مِنَ الْمُبَالَغَةِ. وَالْحَذْفَ في مواضع.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٩٢]]

لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢)

النيل: حوق الشَّيْءِ وَإِدْرَاكُهُ، الْفِعْلُ مِنْهُ: نَالَ يَنَالُ. قِيلَ: وَالنَّيْلُ: الْعَطِيَّةُ.

الْوَضْعُ: الْإِلْقَاءُ. وَضَعَ الشَّيْءَ أَلْقَاهُ، وَوَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا أَلْقَتْهُ، وَالْفِعْلُ: وَضَعَ يَضَعُ وَضْعًا وَضَعَةً، وَالْمَوْضِعُ: مَحَلُّ إِلْقَاءِ الشَّيْءِ. وَفُلَانٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ أَيْ: يُلْقِيهِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ، يَخْتَلِقُهُ.

بَكَّةُ: مُرَادِفٌ لِمَكَّةَ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَالزَّجَّاجُ. وَالْعَرَبُ تُعَاقِبُ بَيْنَ الْبَاءِ وَالْمِيمِ، قَالُوا:

لَازِمٌ، وَرَاتِمٌ. وَالنُّمَيْطُ، وَبِالْبَاءِ فِيهَا. وَقِيلَ: اسْمٌ لِبَطْنِ مَكَّةَ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. وَقِيلَ: اسْمٌ لِمَكَانِ الْبَيْتِ، قَالَهُ النَّخَعِيُّ. وَقِيلَ: اسْمٌ لِلْمَسْجِدِ خَاصَّةً، قَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ. قِيلَ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَكَّ هُوَ دَفْعُ النَّاسِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَازْدِحَامُهُمْ، وَهَذَا إِنَّمَا يَحْصُلُ فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ الطَّوَافِ لَا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى لَفْظِ مَكَّةَ إن شاء الله.


(١) سورة المعارج: ٧٠/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>