للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَرَكَةُ: الزِّيَادَةُ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ: بَارَكَ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ، وَمِنْهُ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ «١» وَيُضَمَّنُ مَعْنَى مَا تعدى بعلى، لِقَوْلِهِ: وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، و: تبارك، لَازِمٌ.

الْعِوَجُ: الْمَيْلُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فِي الدِّينِ وَالْكَلَامِ وَالْعَمَلِ. وَبِالْفَتْحِ فِي: الْحَائِطِ وَالْجِذْعِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ بِمَعْنَاهُ. قَالَ: فِيمَا لَا نَرَى لَهُ شَخْصًا، وَبِالْفَتْحِ فِيمَا لَهُ شَخْصٌ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: بِالْفَتْحِ فِي كُلِّ مُنْتَصِبٍ كَالْحَائِطِ. وَالْعِوَجُ: مَا كَانَ فِي بِسَاطٍ أَوْ دِينٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ مَعَاشٍ.

الْعَصْمُ: الْمَنْعُ، وَاعْتَصَمَ وَاسْتَعْصَمَ: امْتَنَعَ، وَاعْتَصَمْتُ فُلَانًا هَيَّأْتُ لَهُ مَا يَعْتَصِمُ بِهِ، وَكُلُّ مُتَمَسِّكٍ بِشَيْءٍ مُعْتَصِمٌ، وَكُلُّ مَانِعِ شَيْءٍ عَاصِمٌ، وَيَرْجِعُ لِهَذَا الْمَعْنَى: الْأَعْصَمُ، وَالْمِعْصَمُ، وَالْعِصَامُ. وَيُسَمَّى الْخُبْزُ عَاصِمًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ الْجُوعِ.

لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا هُوَ أَنَّهُ لَمَّا

أَخْبَرَ عَمَّنْ مَاتَ كَافِرًا أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ مَا أَنْفَقَ فِي الدُّنْيَا

، أَوْ مَا أَحْضَرَهُ لِتَخْلِيصَ نَفْسِهِ فِي الْآخِرَةِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي سَبَقَ، حَضَّ الْمُؤْمِنَ عَلَى الصَّدَقَةِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ لَنْ يُدْرِكَ الْبِرَّ حَتَّى يُنْفِقَ مِمَّا يُحِبُّ.

وَالْبِرُّ هُنَا. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عباس، ومجاهد، والسدّي، وعمرو بْنُ مَيْمُونٍ:

الْبِرُّ: الْجَنَّةُ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَالضَّحَّاكُ: الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ. وَقَالَ أَبُو رَوْقٍ: الْخَيْرُ كُلُّهُ.

وَقِيلَ: الصِّدْقُ. وَقِيلَ: أَشْرَفُ الدِّينِ، قَالَهُ عَطَاءٌ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: الطَّاعَةُ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: التَّقْوَى. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَا تُقُرِّبَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ عَمَلٍ خَيْرٍ. وَقَالَ مَعْنَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: وَلَهُ مَوَاضِعُ، فَيُقَالُ: الصِّدْقُ الْبِرُّ، وَمِنْهُ: صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ، وَكِرَامٌ بَرَرَةٌ، وَالْإِحْسَانُ: وَمِنْهُ بَرَرْتُ وَالِدَيَّ، وَاللُّطْفُ وَالتَّعَاهُدُ: وَمِنْهُ يَبِرُّ أَصْحَابَهُ إِذَا كَانَ يَزُورُهُمْ وَيَتَعَاهَدُهُمْ، وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ: بَرَّهُ بِكَذَا إِذَا وَهَبَهُ لَهُ.

وَقَالَ: وَيُحْتَمَلُ لَنْ تَنَالُوا بِرَّ اللَّهِ بِكُمْ أَيْ، رَحْمَتَهُ وَلُطْفَهُ. انْتَهَى. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الْوَرَّاقِ، قَالَ: مَعْنَى الْآيَةِ لَنْ تَنَالُوا بِرِّي بِكُمْ إِلَّا بِبِرِّكُمْ بِإِخْوَانِكُمْ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِكُمْ وجاهكم. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ جَرِيرٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ: لَنْ تَنَالُوا دَرَجَةَ الْكَمَالِ مِنْ فِعْلِ الْبِرِّ حَتَّى تَكُونُوا أَبْرَارًا إِلَّا بِالْإِنْفَاقِ الْمُضَافِ إِلَى سَائِرِ أَعْمَالِكُمْ، قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ.


(١) سورة النمل: ٢٧/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>