للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ الدَّالُّ عَلَى صِدْقِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ. ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ مِثْلَ هذ الْإِحْيَاءِ يُحْيِي الْمَوْتَى، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِحْيَاءَيْنِ فِي مُطْلَقِ الْإِحْيَاءِ. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى بِأَنَّهُ يُرِيهِمْ آيَاتِهِ، لِيَنْتِجَ عَنْ تِلْكَ الْإِرَاءَةِ كَوْنُهُمْ يَصِيرُونَ مِنْ أُولِي الْعَقْلِ، النَّاظِرِينَ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ، الْمُفَكِّرِينَ فِي الْمَعَادِ. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ عَلَى مُشَاهَدَتِهِمْ هَذَا الْخَارِقَ الْعَظِيمَ، وَرُؤْيَتِهِمُ الْآيَاتِ قَبْلَ ذَلِكَ، لَمْ يَتَأَثَّرُوا لِذَلِكَ، بَلْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ عَكْسُ مُقْتَضَاهُ مِنَ الْقَسْوَةِ الشَّدِيدَةِ، حَتَّى شَبَّهَ قُلُوبَهُمْ بِالْحِجَارَةِ، أَوْ هِيَ أَشَدُّ مِنَ الْحِجَارَةِ. ثُمَّ اسْتَطْرَدَ لِذِكْرِ الْحِجَارَةِ بِالتَّقْسِيمِ الَّذِي ذَكَرَهُ، عَلَى أَنَّ الْحِجَارَةَ تَفْضُلُ قُلُوبَهُمْ فِي كَوْنِ بَعْضِهَا يَتَأَثَّرُ تَأْثِيرًا عَظِيمًا، بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ وَيَتَدَهْدَهُ، وَكَوْنِ بَعْضِهَا يَتَشَقَّقُ فَيَتَأَثَّرُ تَأْثِيرًا قَلِيلًا، فَيَنْبُعُ مِنْهُ الْمَاءُ، وَكَوْنِ بَعْضِهَا خُلِقَ مُنْفَرِجًا تَجْرِي مِنْهُ الْأَنْهَارُ، وَقُلُوبُهُمْ عَلَى سَجِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، لَا تَقْبَلُ مَوْعِظَةً، وَلَا تَتَأَثَّرُ لِذِكْرَى، وَلَا تَنْبَعِثُ لِطَاعَةٍ. ثُمَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَغْفُلُ عَمَّا اجْتَرَحُوهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا، بَلْ يُجَازِيهِمْ بِذَلِكَ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى. وَكَانَ افْتِتَاحُ هَذِهِ الْآيَاتِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُ، وَاخْتِتَامُهَا بِأَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفُلُ. فَهُوَ الْعَالِمُ بِمَنِ امْتَثَلَ، وَبِمَنْ أَهْمَلَ، فَيُجَازِي مُمْتَثِلَ أَمْرِهِ بِجَزِيلِ ثَوَابِهِ، وَمُهْمِلَ أَمْرِهِ بِشَدِيدِ عقابه.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٧٥ الى ٨٢]

أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٧٦) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٧) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلاَّ أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (٧٨) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩)

وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>