للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِامْتِحَانَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، أَوْ لِأَنَّ ضِيقَ صَدْرِهِ وَكَثْرَةَ حُزْنِهِ مِنَ الْجِبِلَّاتِ الْبَشَرِيَّةِ، وَهِيَ لَا تَرْفَعُهَا الْعِصْمَةُ بِدَلِيلِ:

«اللَّهُمَّ إِنِّي بَشَرٌ وَإِنِّي أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ»

الْحَدِيثَ.

وَقَوْلِهِ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي»

انْتَهَى.

وَالَّذِي أَخْتَارُهُ أَنَّ هَذَا الْخِطَابَ لَيْسَ لِلرَّسُولِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَهَذَا إِخْبَارٌ وَعَقْدٌ كُلِّيٌّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي الْوُجُودِ إِلَّا مَا شَاءَ وُقُوعَهُ، وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الْإِخْبَارُ بِهَذَا الْخِطَابِ بِالرَّسُولِ بَلِ الرَّسُولُ عَالِمٌ بِمَضْمُونِ هَذَا الْإِخْبَارِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلسَّامِعِ فَالْخِطَابُ وَالنَّهْيُ فِي فَلا تَكُونَنَّ لِلسَّامِعِ دُونَ الرَّسُولِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ أَيُّهَا السَّامِعُ الَّذِي لَا يَعْلَمُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْوُجُودِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ جَمْعَهُمْ عَلَى الْهُدَى لَجَمَعَهُمْ عَلَيْهِ، فَلَا تَكُونُنَّ أَيُّهَا السَّامِعُ مِنَ الْجَاهِلِينَ بِأَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِيقَاعَهُ وَقَعَ، وَأَنَّ الْكَائِنَاتِ معذوقة بإرادته.

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٣٦ الى ٥٢]

إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٣٦) وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٧) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٠)

بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (٤١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٥)

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (٤٦) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (٤٧) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٤٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٤٩) قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠)

وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٥١) وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>