للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[سورة الأعراف (٧) : آية ١٨٨]]

قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ مَا شاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨)

قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شاءَ اللَّهُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أَهْلُ مَكَّةَ أَلَا يُخْبِرُكَ رَبُّكَ بِالسِّعْرِ الرَّخِيصِ قَبْلَ أَنْ يَغْلُوَ فَتَشْتَرِيَ وَتَرْبَحَ وَبِالْأَرْضِ الَّتِي تَجْدُبُ فَتَرْحَلَ عَنْهَا إِلَى مَا أَخْصَبَ فَنَزَلَتْ

،

وَقِيلَ لَمَّا رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ الْمُصْطَلِقِ جَاءَتْ رِيحٌ فِي الطَّرِيقِ فَأَخْبَرَتْ بِمَوْتِ رِفَاعَةَ وَكَانَ فِيهِ غَيْظُ الْمُنَافِقِينَ، ثُمَّ قَالَ انْظُرُوا أَيْنَ نَاقَتِي، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ يُخْبِرُ عَنْ مَوْتِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ وَلَا يَعْرِفُ أَيْنَ نَاقَتُهُ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ نَاسًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ قَالُوا كَيْتَ وَكَيْتَ وَنَاقَتِي فِي الشِّعْبِ وَقَدْ تَعَلَّقَ زمامها بشجرة فوجدوها عَلَيَّ فَنَزَلَتْ

، وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهَا لِمَا قَبْلَهَا ظَاهِرٌ جِدًّا وَهَذَا مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِظْهَارٌ لِلْعُبُودِيَّةِ وَانْتِفَاءٌ عَنْ مَا يَخْتَصُّ بِالرُّبُوبِيَّةِ مِنَ الْقُدْرَةِ وَعِلْمِ الْغَيْبِ وَمُبَالَغَةٌ فِي الِاسْتِسْلَامِ فَلَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي اجْتِلَابَ نَفْعٍ وَلَا دَفْعَ ضَرٍّ فَكَيْفَ أَمْلِكُ عِلْمَ الْغَيْبِ كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ يُونُسَ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا مَا شاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ «١» وَقَدَّمَ هُنَا النَّفْعَ عَلَى الضَّرِّ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَقَدَّمَ الْهِدَايَةَ على الضلال وبعده لا ستكثرت مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ فَنَاسِبَ تَقْدِيمُ النَّفْعِ وَقَدَّمَ الضَّرَّ فِي يُونُسَ عَلَى الْأَصْلِ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لِلَّهِ تَكُونُ خَوْفًا مِنْ عِقَابِهِ أَوَّلًا ثُمَّ طَمَعًا فِي ثَوَابِهِ وَلِذَلِكَ قَالَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً «٢» فَإِذَا تَقَدَّمَ النَّفْعُ فَلِسَابِقَةِ لَفْظٍ تَضَمَّنَهُ وَأَيْضًا فَفِي يُونُسَ مُوَافَقَةُ مَا قَبْلَهَا فَفِيهَا مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ «٣» مَا لَا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا «٤» لِأَنَّهُ مَوْصُولٌ بِقَوْلِهِ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ «٥» وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا وَفِي يُونُسَ وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ «٦» وَتَقَدَّمَهُ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ «٧» وَفِي الْأَنْبِيَاءِ قَالَ:

أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ «٨» وَتَقَدَّمَهُ قَوْلُ الْكُفَّارِ لِإِبْرَاهِيمَ فِي الْمُحَاجَّةِ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ «٩» وَفِي الْفُرْقَانِ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ «١٠» وَتَقَدَّمَهُ أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَنِعَمٌ كَثِيرَةٌ «١١» وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ لطائف


(١) سورة يونس: ١٠/ ٤٨.
(٢) سورة السجدة: ٣٢/ ١٦.
(٣) سورة يونس: ١٠/ ٨.
(٤) سورة الأنعام: ٦/ ٧١.
(٥) سورة الأنعام: ٦/ ٧٠.
(٦) سورة يونس: ١٠/ ١٠٦.
(٧) سورة يونس: ١٠/ ١٠٣.
(٨) سورة الأنبياء: ٢١/ ٦٦.
(٩) سورة الأنبياء: ٢١/ ٦٥.
(١٠) سورة الفرقان: ٢٥/ ٥٥.
(١١) سورة الفرقان: ٢٥/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>