للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ نَصْبُهُ إِلَّا فِي حَرْفٍ شَاذٍّ، وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى، وَالْمُؤَثَّمُ هُوَ الْأَوَّلُ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْكَذِبِ فَقَالَ قَوْمٌ: الْكَذِبُ كُلُّهُ قَبِيحٌ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقَالُوا: سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَكْذِبُ لِزَوْجَتِهِ وَلِابْنِهِ تَطْيِيبًا لِلْقَلْبِ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ. وَقَالَ قَوْمٌ: الْكَذِبُ مُحَرَّمٌ وَمُبَاحٌ، فَالْمُحَرَّمُ الْإِخْبَارُ بِالشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مُرَاعَاتِهِ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَالْمُبَاحُ مَا كَانَ فِيهِ ذَلِكَ، كَالْكَذِبِ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ.

وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ خِلَافًا، قَالَ قَوْمٌ: نَزَلَتْ فِي مُنَافِقِي أَهْلِ الْكِتَابِ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ بن سَلُولَ، وَمُعَتِّبِ بْنِ قُشَيْرٍ، وَالْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ، حِينَ قَالُوا: تَعَالَوْا إِلَى خَلَّةٍ نَسْلَمُ بِهَا مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ وَنَتَمَسَّكُ مَعَ ذَلِكَ بِدِينِنَا، فَأَظْهَرُوا الْإِيمَانَ بِاللِّسَانِ وَاعْتَقَدُوا خِلَافَهُ. وَرَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ قَوْمٌ: نَزَلَتْ فِي مُنَافِقِي أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ، رَوَاهُ السُّدِّيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَقَتَادَةُ، وابن زيد.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١١ الى ١٦]

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)

أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١٦)

إِذَا: ظَرْفُ زَمَانٍ، وَيَغْلِبُ كَوْنُهَا شَرْطًا، وَتَقَعُ لِلْمُفَاجَأَةِ ظَرْفَ زَمَانٍ وِفَاقًا لِلرِّيَاشِيِّ، وَالزَّجَّاجِ، لَا ظَرْفَ مَكَانٍ خِلَافًا لِلْمُبَرِّدِ، وَلِظَاهِرِ مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، وَلَا حَرْفًا خِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ.

وَإِذَا كَانَتْ حَرْفًا، فَهِيَ لِمَا تُيُقِّنَ أَوْ رُجِّحَ وُجُودُهُ، وَيُجْزَمُ بِهَا فِي الشِّعْرِ، وَأَحْكَامُهَا مُسْتَوْفَاةٌ فِي عِلْمِ النَّحْوِ. الْفِعْلُ الثُّلَاثِيُّ الَّذِي انْقَلَبَ عَيْنُ فِعْلِهِ أَلِفًا فِي الْمَاضِي، إِذَا بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ، أَخْلَصَ كَسْرَ أَوَّلِهِ وَسَكَنَتْ عَيْنُهُ يَاءً فِي لُغَةِ قُرَيْشٍ وَمُجَاوِرِيهِمْ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، وَضُمَّ أَوَّلُهَا عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>