الَّذِي هُوَ: أُولَئِكَ، فَيَكُونُ قَدْ أَخْبَرَ عَنْهُ بِخِبْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا مُفْرَدٌ، وَالْآخَرُ جُمْلَةٌ، وَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْخُلُودِ، وَهَلْ هُوَ الْمُكْثُ زَمَانًا لَا نِهَايَةَ لَهُ، أَوْ زَمَانًا له نهاية؟
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٤٠ الى ٤٣]
يَا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠) وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١) وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)
ابْنُ: مَحْذُوفُ اللَّامِ، وَقِيلَ: الْيَاءُ خِلَافٌ، وَفِي وَزْنِهِ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ خِلَافٌ، فَقِيلَ: فِعْلٌ، وَقِيلَ: فَعِلٍ. فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَصْلَهُ يَاءٌ جَعَلَهُ مُشْتَقًّا مِنَ الْبِنَاءِ، وَهُوَ وَضْعُ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ. وَالِابْنُ فَرْعٌ عَنِ الْأَبِ، فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَلَيْهِ، وَجُعِلَ قَوْلُهُمْ: الْبُنُوَّةُ شَاذٌّ كَالْفُتُوَّةِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَصْلَهُ وَاوٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَخْفَشُ، جَعَلَ الْبُنُوَّةَ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ، وَلِكَوْنِ اللَّامِ الْمَحْذُوفَةِ وَاوًا أَكْثَرَ مِنْهَا يَاءٌ. وَجَمْعُ ابْنٍ جَمْعُ تَكْسِيرٍ، فَقَالُوا: أَبْنَاءٌ، وَجَمْعُ سَلَامَةٍ، فَقَالُوا:
بَنُونَ، وَهُوَ جَمْعٌ شَاذٌّ، إِذْ لَمْ يَسْلَمْ فِيهِ بِنَاءُ الْوَاحِدِ، فَلَمْ يَقُولُوا: ابْنُونَ، وَلِذَلِكَ عَامَلَتِ الْعَرَبُ هَذَا الْجَمْعَ فِي بَعْضِ كَلَامِهَا مُعَامَلَةَ جَمْعِ التَّكْسِيرِ، فَأُلْحِقَتِ التَّاءُ فِي فِعْلِهِ، كَمَا أُلْحِقَتْ فِي فِعْلِ جَمْعِ التَّكْسِيرِ، قَالَ النَّابِغَةُ:
قَالَتْ بَنُو عَامِرٍ خَالُو بَنِي أَسَدٍ ... يَا بُؤْسَ لِلْجَهْلِ ضَرَّارًا لِأَقْوَامِ
وَقَدْ سُمِعَ الْجَمْعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فِيهِ مُصَغَّرًا، قَالَ يُسَدِّدُ:
أَبَيْنُوهَا الْأَصَاغِرَ خُلَّتِي وَهُوَ شَاذٌّ أَيْضًا.
إِسْرَائِيلَ: اسْمٌ عَجَمِيٌّ مَمْنُوعُ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ، وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ إِسْرَا: وَهُوَ الْعَبْدُ، وَإِيلَ: اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَذَلِكَ بِاللِّسَانِ الْعِبْرَانِيِّ، فَيَكُونُ مِثْلَ: جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، وَعِزْرَائِيلَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَقِيلَ: مَعْنَى إِسْرَا: صَفْوَةٌ، وَإِيلَ: اللَّهُ تَعَالَى، فَمَعْنَاهُ: صَفْوَةُ اللَّهِ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِسْرَا مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَسْرِ، وَهُوَ الشَّدُّ، فَكَأَنَّ إِسْرَائِيلَ مَعْنَاهُ: الَّذِي