للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْلُومًا، وَهُوَ الْمَوْعِدُ وَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرًا أَوْ زَمَانًا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مُضَافًا إِلَى الْمَفْعُولِ وَأَنْ يَكُونَ زَمَانًا. وَقَرَأَ حَفْصٌ وَهَارُونُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ زَمَانُ الْهَلَاكِ. وَقَرَأَ حَفْصٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ مَصْدَرُ هَلَكَ يَهْلِكُ وَهُوَ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ. وَقِيلَ: هَلَكَ يَكُونُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا فَعَلَى تَعْدِيَتِهِ يَكُونُ مُضَافًا لِلْمَفْعُولِ، وَأَنْشَدَ أَبُو عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ:

وَمَهْمَهٍ هَالِكِ مَنْ تَعَرَّجَا وَلَا يَتَعَيَّنُ مَا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ فِي هَذَا الْبَيْتِ، بَلْ قَدْ ذَهَبَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ إِلَى أَنَّ هَالِكًا فِيهِ لَازِمٌ وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ أَصْلُهُ هَالِكٍ مَنْ تَعَرَّجَا. فَمَنْ فَاعِلٌ ثُمَّ أُضْمِرَ فِي هَالِكٍ ضَمِيرُ مَهْمَهٍ، وَانْتَصَبَ مِنْ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْمَفْعُولِ ثُمَّ أضاف مَنْ نَصَبَ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمَوْصُولِ هَلْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ؟ وَالصَّحِيحُ جَوَازُ ذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي أَشْعَارِ الْعَرَبِ. قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ:

أَسِيلَاتُ أَبْدَانٍ دِقَاقٌ خُصُورُهَا ... وَثِيرَاتُ مَا الْتَفَّتْ عَلَيْهَا الْمَلَاحِفُ

وَقَالَ آخَرُ:

فَعُجْتُهَا قِبَلَ الْأَخْيَارِ مَنْزِلَةً ... وَالطَّيِّبِي كُلِّ مَا الْتَاثَتْ بِهِ الْأُزُرُ

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٦٠ الى ٧٨]

وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠) فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هَذَا نَصَباً (٦٢) قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (٦٣) قالَ ذلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (٦٤)

فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (٦٥) قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (٦٩)

قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (٧٠) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (٧١) قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٢) قالَ لَا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (٧٣) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (٧٤)

قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٥) قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (٧٦) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً (٧٧) قالَ هَذَا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٧٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>