للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّارُ الَّتِي فِي الْإِعْصَارِ هِيَ السَّمُومُ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: السَّمُومُ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ مِنْهَا الْجَانَّ جُزْءٌ مِنْ سبعين جزأ مِنَ النَّارِ، يَعْنِي، نَارَ الْآخِرَةِ، وَقَدْ فَسَّرَ أَنَّهَا هَلَكَتْ بِالصَّاعِقَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَالضَّحَّاكُ. إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ، أَيْ: رِيحٌ فِيهَا صِرُّ بَرْدٍ.

كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ أَيْ: مِثْلُ هَذَا الْبَيَانِ تُصْرَفُ الْأَمْثَالُ الْمُقَرِّبَةُ الْأَشْيَاءِ لِلذِّهْنِ، يُبَيِّنُ لَكُمُ الْعَلَامَاتِ الَّتِي يُوَصَّلُ بِهَا إِلَى اتِّبَاعِ الْحَقِّ.

لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ أي: تعملون أَفْكَارَكُمْ فِيمَا يَفْنَى وَيَضْمَحِلُّ مِنَ الدُّنْيَا، وَفِيمَا هُوَ بَاقٍ لَكُمْ فِي الْآخِرَةِ، فَتَزْهَدُونَ فِي الدُّنْيَا، وَتَرْغَبُونَ فِي الْآخِرَةِ.

وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ الْكَرِيمَةُ مِنْ ضُرُوبِ الْفَصَاحَةِ وَصُنُوفِ الْبَلَاغَةِ أَنْوَاعًا: مِنَ الِانْتِقَالِ مِنَ الْخُصُوصِ إِلَى الْعُمُومِ، وَمِنَ الْإِشَارَةِ، وَمِنَ التَّشْبِيهِ، وَمِنَ الْحَذْفِ، وَمِنَ الِاخْتِصَاصِ، وَمِنَ الْأَمْثَالِ، وَمِنَ الْمَجَازِ. وَكُلُّ هَذَا قَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ غُضُونُ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٦٧ الى ٢٧٣]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧) الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦٨) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٦٩) وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٢٧٠) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٧١)

لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (٢٧٢) لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>