وَالْمُسْتَبْشَرُ بِهِ غَيْرُهُ. التَّقْدِيرُ: لِأَنَّهُ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ. وَالذَّوَاتُ لَا يُسْتَبْشَرُ بِهَا فَلَا بُدَّ مِنَ تَقْدِيرِ مُضَافٍ مُنَاسِبٍ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ: لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.
وَفِي ذِكْرِ حَالِ الشُّهَدَاءِ وَاسْتِبْشَارِهِمْ بِمَنْ خَلْفَهُمْ بَعْثٌ لِلْبَاقِينَ بَعْدَهُمْ عَلَى ازْدِيَادِ الطَّاعَةِ، وَالْجِدِّ فِي الْجِهَادِ، وَالرَّغْبَةِ فِي نَيْلِ مَنَازِلِ الشُّهَدَاءِ وَإِصَابَةِ فَضْلِهِمْ، وَإِحْمَادٍ لِحَالِ مَنْ يَرَى نَفْسَهُ فِي خَيْرٍ فَيَتَمَنَّى مِثْلَهُ لِإِخْوَانِهِ فِي اللَّهِ، وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْفَوْزِ فِي الْمَآبِ قَالَهُ: الزَّمَخْشَرِيِّ. وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ.
قِيلَ: وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ مِنْ ضُرُوبِ الْبَدِيعِ، الطِّبَاقُ فِي قَوْلِهِ: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ الْآيَةَ، إِذِ التَّقْدِيرُ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِالْهِدَايَةِ، فَيَكُونُ فِي هَذَا الْمُقَدَّرِ. وَفِي قَوْلِهِ: فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ، وَفِي: يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ، وَالْقَوْلُ ظَاهِرٌ ويكتمون. وَفِي قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا، إِذِ التَّقْدِيرُ حِينَ خَرَجُوا وَقَعَدُوا هُمْ. وَفِي: أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ وَفِي: فَرِحِينَ وَيَحْزَنُونَ. وَالتَّكْرَارَ فِي:
وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا الِاخْتِلَافُ مُتَعَلِّقُ الْعِلْمِ. وَفِي فَرِحِينَ وَيَسْتَبْشِرُونَ.
وَالتَّجْنِيسَ الْمُغَايِرَ فِي: أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ، وَالْمُمَاثِلَ فِي: أَصَابَتْكُمْ قَدْ أَصَبْتُمْ. وَالِاسْتِفْهَامُ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الإنكار في: أو لما أَصَابَتْكُمْ. وَالِاحْتِجَاجَ النَّظَرِيَّ فِي: قل فادرأوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ. وَالتَّأْكِيدَ فِي: وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالْحَذْفُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ لَا يَتِمُّ الْمَعْنَى إِلَّا بِتَقْدِيرِهَا.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٧١ الى ١٨٠]
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١) الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢) الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥)
وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٧٦) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٧) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٨) مَا كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute