ثُمَّ ذَكَرَ اخْتِلَافَهُمْ وَانْقِسَامَهَمْ إِلَى مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ، وَأَنَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِنْفَاقِ مِمَّا رَزَقَهُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا يَنْفَعُ فِيهِ تَوَسُّلٌ بِصَدَاقَةٍ وَلَا شَفَاعَةٍ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْكَافِرِينَ هُمُ الْمُجَاوِزُونَ الحد الذي حده اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ الْمُتَوَحِّدُ بِالْإِلَهِيَّةِ، وَذَلِكَ عُقَيْبَ ذِكْرِ الْكَافِرِينَ. وذكر أتباع موسى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
ثُمَّ سَرَدَ صِفَاتِهِ الْعُلَا وَهِيَ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تُعْتَقَدَ فِي اللَّهِ تَعَالَى مِنْ كَوْنِهِ وَاحِدًا حَيًّا قَائِمًا بِتَدْبِيرِ الْخَلْقِ، لَا يَلْحَقُهُ آفَةٌ، مَالِكًا لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمًا بِسَرَائِرِ الْمَعْلُومَاتِ، لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا يَشَاءُ هُوَ تَعَالَى، وَذَكَرَ عَظِيمَ مَخْلُوقَاتِهِ، وَأَنَّ بَعْضَهَا، وَهُوَ الْكُرْسِيُّ، يَسَعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَلَا يَثْقُلُ وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ حِفْظُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ بَعْدَ وُضُوحِ صِفَاتِهِ الْعُلَا فَ لَا إِكْراهَ فِي الدِّينِ إِذْ قَدْ تَبَيَّنَتْ طُرُقُ الرَّشَادِ مِنْ طُرِقِ الْغَوَايَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ كَفَرَ بِالطَّاغُوتِ وَآمَنَ بِاللَّهِ فَهُوَ مُسْتَمْسِكٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، عُرْوَةُ الْإِيمَانِ، وَوَصَفَهَا بِالْوُثْقَى لِكَوْنِهَا لَا تَنْقَطِعُ وَلَا تَنْفَصِمُ، وَاسْتَعَارَ لِلْإِيمَانِ عُرْوَةً إِجْرَاءً لِلْمَعْقُولِ مَجْرَى الْمَحْسُوسِ، ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ، وَأَنَّ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاؤُهُمُ الْأَصْنَامُ وَالشَّيَاطِينُ، وَهُمْ عَلَى الْعَكْسِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ وَأَنَّهُمْ مُخَلَّدُونَ فِيهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[سُورَةُ البقرة (٢) : الآيات ٢٥٨ الى ٢٦٠]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٢٥٨) أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٦٠)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute