بِأَنَّهُمْ لَا يَرْضَوْنَ عَنْكَ حَتَّى تُخَالِفَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْهُدَى الَّذِي هُوَ هُدَى اللَّهِ، إِلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ مِلَّةِ الْكُفْرِ وَاتِّبَاعِ الْأَهْوَاءِ. ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ مُتَّبِعَ أَهْوَائِهِمْ بَعْدَ وُضُوحِ مَا وَافَاهُ مِنَ الدِّينِ وَالْإِسْلَامِ، لَا أَحَدَ يَنْصُرُهُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ. وَأَنَّ الَّذِينَ آتَاهُمُ الْكِتَابَ وَاصْطَفَاهُمْ لَهُ يَتَّبِعُونَ الْكِتَابَ، وَيَتَتَبَّعُونَ مَعَانِيَهُ، فَهُمْ مُصَدِّقُونَ بِمَا تَضَمَّنَهُ مِمَّا غَابَ عَنْهُمْ عِلْمُهُ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمُ اسْتِفَادَتُهُ إِلَّا مِنْهُ، مِنْ خَبَرٍ مَاضٍ أَوْ آتٍ، وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ، وَثَوَابٍ وَعِقَابٍ، وَأَنَّ مَنْ كَفَرَ بِهِ حَقَّ عَلَيْهِ الْخُسْرَانُ.
ثُمَّ خَتَمَ هَذِهِ الْآيَاتِ بِأَمْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِذِكْرِ نِعَمِهِ السَّابِقَةِ، وَتَفْضِيلِهِمْ عَلَى عَالَمِي زَمَانِهِمْ، وَكَانَ ثَالِثَ نِدَاءٍ نُودِيَ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ، بِالْإِضَافَةِ إِلَى أَبِيهِمُ الْأَعْلَى، وَتَشْرِيفِهِمْ بِوِلَادَتِهِمْ مِنْهُ. ثُمَّ أَعْرَضَ فِي مُعْظَمِ الْقُرْآنِ عَنْ نِدَائِهِمْ بِهَذَا الِاسْمِ، وَطَمَسَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ نُورِ هَذَا الْوَسْمِ، وَالثَّلَاثُ هِيَ مَبْدَأُ الْكَثْرَةِ، وَقَدِ اهْتَمَّ بِكَ مَنْ نَبَّهَكَ وَنَادَاكَ مَرَّةً وَمَرَّةً وَمَرَّةً:
لَقَدْ أَسْمَعْتَ لَوْ نَادَيْتَ حَيًّا ... وَلَكِنْ لَا حَيَاةَ لِمَنْ تنادي
[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٢٤ الى ١٣١]
وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤) وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥) وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧) رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨)
رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٣١)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute