[سورة الكوثر]
[سورة الكوثر (١٠٨) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)
انْحَرْ: أَمْرٌ مِنَ النَّحْرِ، وَهُوَ ضَرْبُ النَّحْرِ لِلْإِبِلِ بِمَا يُفِيتُ الرُّوحَ مِنْ مَحْدُودٍ. الْأَبْتَرُ:
الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ، وَالْبَتْرُ: الْقَطْعُ، بَتَرْتُ الشَّيْءَ: قَطَعْتُهُ، وَبَتِرَ بِالْكَسْرِ فَهُوَ أَبْتَرُ: انْقَطَعَ ذَنَبُهُ. وَخَطَبَ زِيَادٌ خُطْبَتَهُ الْبَتْرَاءَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْمَدْ فِيهَا اللَّهَ تَعَالَى، وَلَا صَلَّى عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَرَجُلٌ أُبَاتِرٌ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ: الَّذِي يَقْطَعُ رَحِمَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَئِيمٌ بَدَتْ فِي أَنْفِهِ خُنْزُوَانَةٌ ... عَلَى قَطْعِ ذِي الْقُرْبَى أَجَذُّ أُبَاتِرُ
وَالْبَتْرِيَّةُ: قَوْمٌ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ نُسِبُوا إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعْدٍ وَلَقَبُهُ الْأَبْتَرُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فِي الْمَشْهُورِ، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ: مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ. وَلَمَّا ذَكَرَ فِيمَا قَبْلَهَا وَصْفَ الْمُنَافِقِ بِالْبُخْلِ وَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالرِّيَاءِ وَمَنْعِ الزَّكَاةِ، قَابَلَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْبُخْلَ بِ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ، وَالسَّهْوَ فِي الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ: فَصَلِّ، وَالرِّيَاءَ بِقَوْلِهِ: لِرَبِّكَ، وَمَنْعَ الزَّكَاةِ بِقَوْلِهِ: وَانْحَرْ، أَرَادَ بِهِ التَّصَدُّقَ بِلَحْمِ الْأَضَاحِي، فَقَابَلَ أَرْبَعًا بِأَرْبَعٍ.
وَنَزَلَتْ فِي الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ، كَانَ يُسَمِّي الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَبْتَرِ، وَكَانَ يَقُولُ: دَعُوهُ إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ أَبْتَرُ لَا عَقِبَ لَهُ، لَوْ هَلَكَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ وَاسْتَرَحْتُمْ مِنْهُ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: أَعْطَيْناكَ بِالْعَيْنِ وَالْحَسَنُ وَطَلْحَةُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَالزَّعْفَرَانِيُّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute