للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا «١» فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِيَاءِ الْغَيْبَةِ، وَجَعَلَ الْفَاعِلَ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ لَيْسَ هَذَا مِنَ الضَّمَائِرِ الَّتِي يُفَسِّرُهَا مَا بَعْدَهَا فَلَا يَتَقَدَّرُ لَا يَحْسَبَنَّهُمْ إِذْ لَا يَجُوزُ ظَنَّهُ زَيْدٌ قَائِمًا عَلَى تَقْدِيرِ رَفْعِ زَيْدٍ بِظَنَّهُ.

وَمَأْواهُمُ النَّارُ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَطَفَ عَلَى لَا تَحْسَبَنَّ كَأَنَّهُ قِيلَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا يَفُوتُونَ اللَّهَ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْمُقْسِمُونَ جَهْدَ أَيْمَانِهِمُ انْتَهَى. وَقَالَ صَاحِبُ النظام لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَمَأْواهُمُ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ بَلْ هُمْ مَقْهُورُونَ وَمَأْواهُمُ النَّارُ انْتَهَى. وَاسْتُبْعِدَ الْعَطْفُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ لَا تَحْسَبَنَّ نَهْيٌ وَمَأْواهُمُ النَّارُ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ فَلَمْ يُنَاسِبْ عِنْدَهُ أَنْ يَعْطِفَ الْجُمْلَةَ الْخَبَرِيَّةَ عَلَى جُمْلَةِ النَّهْيِ لِتَبَايُنِهِمَا وَهَذَا مَذْهَبُ قَوْمٍ. وَلَمَّا أَحَسَّ الزَّمَخْشَرِيُّ بِهَذَا قَالَ: كَأَنَّهُ قِيلَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا يَفُوتُونَ اللَّهَ فَتَأَوَّلَ جُمْلَةَ النَّهْيِ بِجُمْلَةٍ خَبَرِيَّةٍ حَتَّى تَقَعَ الْمُنَاسَبَةُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَجُوزُ عَطْفُ الْجُمَلِ عَلَى اخْتِلَافِهَا بَعْضًا عَلَى بَعْضٍ وَإِنْ لَمْ تَتَّحِدْ فِي النَّوْعِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ.

[سورة النور (٢٤) : الآيات ٥٨ الى ٦١]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٨) وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٩) وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لَا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٦٠) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦١)


(١) سورة آل عمران: ٣/ ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>