و: قضية وَلَا أَبَا حَسَنٍ لَهَا، تريد: ولا هيثم، و: لا مِثْلَ أَبِي حَسَنٍ، كَمَا أَنَّهُ يُرَادُ فِي نَحْوِ قَوْلِهِمْ: مِثْلُكَ لَا يَفْعَلُ كَذَا، تُرِيدُ: أَنْتَ وَذَلِكَ أَنَّ الْمِثْلَيْنِ يَسُدُّ أَحَدُهُمَا مَسَدَّ الْآخَرِ، فَكَانَا فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَلَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرِ: مِثْلَ، فِي قَوْلِهِ وَلَوِ افْتَدى بِهِ وَكَانَ الزَّمَخْشَرِيُّ تَخَيَّلَ أَنَّ مَا نُفِيَ أَنْ يُقْبَلَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُفْتَدَى بِهِ، فَاحْتَاجَ إِلَى إِضْمَارِ: مِثْلَ، حَتَّى يُغَايِرَ بَيْنَ مَا نُفِيَ قَبُولُهُ وَبَيْنَ مَا يُفْتَدَى بِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ، وَالتَّقْدِيرُ: إِذْ لَا يُمْكِنُ عَادَةً أَنَّ أَحَدًا يَمْلِكُ مِلْءَ الْأَرْضِ ذَهَبًا بِحَيْثُ لَوْ بَذَلَهُ عَلَى أَيِّ جِهَةٍ بَذْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، بَلْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَقْدِيرِ مِثْلَ، لِأَنَّهُ نَفَى قَبُولَهُ حَتَّى فِي حَالَةِ الِافْتِدَاءِ، وَلَيْسَ مَا قُدِّرَ فِي الْآيَةِ نَظِيرَ مَا مَثَّلَ بِهِ، لِأَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَلَا فِي اللَّفْظِ وَلَا الْمَعْنَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَلَا يُقَدَّرُ. وَأَمَّا فِيمَا مَثَّلَ بِهِ مِنْ: ضَرَبْتُ ضَرْبَ زَيْدٍ، وَأَبُو يُوسُفَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَبِضَرُورَةِ الْعَقْلِ نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ: مِثْلَ، إِذْ ضَرْبُكَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ ضَرْبُ زَيْدٍ، وَذَاتُ أَبِي يُوسُفَ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ ذَاتَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَأَمَّا:
لَا هَيْثَمَ اللَّيْلَةَ لِلْمَطِيِّ.
يَدُلُّ عَلَى حَذْفٍ: مِثْلَ مَا تَقَرَّرَ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ: لَا، الَّتِي لِنَفْيِ الْجِنْسِ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْأَعْلَامِ فَتُؤَثِّرُ فِيهَا، فَاحْتَاجَ إِلَى إِضْمَارِ: مِثْلَ، لِتَبْقَى عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِيهَا، إِذْ تَقَرَّرَ أَنَّهَا لَا تَعْمَلُ إِلَّا فِي الْجِنْسِ، لِأَنَّ الْعَلَمِيَّةَ تُنَافِي عُمُومَ الْجِنْسِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: كما أنه يُزَادَ فِي: مِثْلِكَ لَا يَفْعَلُ كَذَا، تُرِيدُ، أَنْتَ، فَهَذَا قَوْلٌ قَدْ قِيلَ، وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ حُذَّاقُ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ الْأَسْمَاءَ لَا تُزَادُ، وَلِتَقْرِيرِ أَنَّ مِثْلَكَ لَا يَفْعَلُ كَذَا، لَيْسَتْ فِيهِ مِثْلَ زَائِدَةً مَكَانَ غَيْرِ هَذَا.
أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ هَذَا إِخْبَارٌ ثَانٍ عَمَّنْ مَاتَ وَهُوَ كَافِرٌ، لَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى فِي الْإِخْبَارِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يُخَلِّصَ بِهِ نَفْسَهُ، بَيَّنَ فِي هَذَا الْإِخْبَارِ مَا لَهُ مِنَ الْعَذَابِ الْمَوْصُوفِ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْآلَامِ لَهُ، إِذِ الِافْتِدَاءُ، وَبَذْلُ الْأَمْوَالِ إِنَّمَا يَكُونُ لِمَا يَلْحَقُ الْمُفْتَدِيَ مِنَ الْآلَامِ حَتَّى يَبْذُلَ فِي الْخَلَاصِ مِنْ ذَلِكَ أَعَزَّ الْأَشْيَاءِ. كَمَا قَالَ: يَوَدُّ الْمُجْرِمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute