للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِما

هَذَا جَوَابُ الشَّرْطِ، وَقَبْلَ هَذَا الْجَوَابِ جُمْلَةٌ مَحْذُوفَةٌ بِهَا يَصِحُّ الْمَعْنَى، التَّقْدِيرُ:

فَفَصَلَاهُ، أَوْ فَفَعَلَا ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِي الْفِصَالِ.

وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ الْخِطَابُ لِلْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَفِيهِ الْتِفَاتٌ، إِذْ هُوَ خُرُوجٌ مِنْ غَيْبَةٍ إِلَى خِطَابٍ، وَتَلْوِينٍ فِي الضَّمِيرِ، لِأَنَّ قَبْلَهُ فَإِنْ أَرادا فِصالًا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ، وَكَأَنَّهُ رُجُوعٌ إِلَى قَوْلِهِ: وَالْوَالِدَاتُ، وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ.

وَ: اسْتَرْضَعَ، فِيهِ خِلَافٌ، هَلْ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ بِنَفْسِهِ، أَوْ إِلَى مَفْعُولَيْنِ الثَّانِي بِحَرْفِ جَرٍّ، قَوْلَانِ.

فَالْأَوَّلُ: قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ، قَالَ: اسْتَرْضَعَ مَنْقُولٌ مِنْ أَرْضَعَ، يُقَالُ: أَرْضَعَتِ الْمَرْأَةُ الصَّبِيَّ، وَاسْتَرْضَعَهَا الصَّبِيُّ، فَتَعَدِّيهِ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، كَمَا تَقُولُ: أَنْجَحَ الْحَاجَةَ، وَاسْتَنْجَحَتْهُ الْحَاجَةُ. وَالْمَعْنَى: أَنْ تَسْتَرْضِعُوا الْمَرَاضِعَ أَوْلَادَكُمْ، فَحُذِفَ أَحَدُ الْمَفْعُولَيْنِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ، كَمَا تَقُولُ: اسْتَنْجَحَتِ الْحَاجَةُ، وَلَا تَذْكُرُ مَنِ اسْتَنْجَحَتْهُ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ كُلِّ مَفْعُولَيْنِ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا عِبَارَةً عَنِ الْأَوَّلِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهُوَ نَقْلٌ مِنْ نَقْلِ، الْأَصْلِ رَضَعَ الْوَلَدُ، ثُمَّ تَقُولُ: أَرْضَعَتِ الْمَرْأَةُ الْوَلَدَ، ثُمَّ تَقُولُ اسْتَرْضَعَتِ الْمَرْأَةُ الْوَلَدَ، وَاسْتَفْعَلَ هُنَا لِلطَّلَبِ أَيْ:

طَلَبْتُ مِنَ الْمَرْأَةِ إِرْضَاعَ الْوَلَدِ، كَمَا تَقُولُ اسْتَسْقَيْتُ زَيْدًا الْمَاءَ، وَاسْتَطْعَمْتُ عَمْرًا الْخُبْزَ، أَيْ: طَلَبْتُ مِنْهُ أَنْ يَسْقِيَنِي وَأَنْ يُطْعِمَنِي، فَكَمَا أَنَّ الْخُبْزَ وَالْمَاءَ مَنْصُوبَانِ وَلَيْسَا عَلَى إِسْقَاطِ الْخَافِضِ، كَذَلِكَ: أَوْلَادَكُمْ، مَنْصُوبٌ لَا عَلَى إِسْقَاطِ الْخَافِضِ.

وَالثَّانِي: قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ أَنْ يَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ، الثَّانِي بِحَرْفِ جَرٍّ، وَحُذِفَ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْلَادَكُمْ، وَالتَّقْدِيرُ: لِأَوْلَادِكُمْ، وَقَدْ جَاءَ اسْتَفْعَلَ أَيْضًا لِلطَّلَبِ مُعَدًّى بِحَرْفِ الْجَرِّ فِي الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ فِي: أَفْعَلَ، مُعَدًّى إِلَى اثْنَيْنِ. تَقُولُ: أَفْهَمَنِي زَيْدٌ الْمَسْأَلَةَ، وَاسْتَفْهَمْتُ زَيْدًا عن المسألة، فلم يجىء: اسْتَطْعَمْتُ، وَيَصِيرُ نَظِيرُ: اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ مِنَ الذَّنْبِ، وَيَجُوزُ حَذْفُ: مِنْ، فَتَقُولُ: الذَّنْبَ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِمْ: كَانَ فُلَانٌ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي فُلَانٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِحَرْفِ جَرٍّ.

فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ هَذَا جَوَابُ الشَّرْطِ، وَقَبْلَهُ جُمْلَةٌ حُذِفَتْ لِفَهْمِ الْمَعْنَى، التَّقْدِيرُ:

فَاسْتَرْضَعْتُمْ أَوْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي الِاسْتِرْضَاعِ إِذا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ، هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>