للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإناث، نحو: عسيت، وَعَسِينَ، وَذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْجَوَازِ لَا الْوُجُوبِ، وَيُفْتَحُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ، وَلَا يُسَوَّغُ الْكَسْرُ نَحْوَ: عَسَى زَيْدٌ وَالزَّيْدَانِ عَسَيَا، وَالزَّيْدُونَ عَسَوْا، والهندان عسيا، وعساك، وعساني، وَعَسَاهُ. وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَدْفُوِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ يَكْسِرُونَ السِّينَ مِنْ عَسَى مَعَ الْمُضْمَرِ خَاصَّةً، وَإِذَا قِيلَ: عَسَى زَيْدٌ فَلَيْسَ إِلَّا الْفَتْحُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْمُضْمَرُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَوْ كَانَ عَسَيْتُمْ بِكَسْرِ السين لقرىء: عَسِيَ رَبُّكُمْ وَهَذَا جَهْلٌ مِنْ أَبِي عُبَيْدٍ بِهَذِهِ اللُّغَةِ، وَدُخُولُ: هَلْ، عَلَى: عَسَيْتُمْ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَسَى فِعْلٌ خَبَرِيٌّ لَا إِنْشَائِيٌّ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَسَى إِنْشَاءٌ لِأَنَّهُ تَرَجٍّ، فَهِيَ نَظِيرَةُ لَعَلَّ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ صِلَةً لِلْمَوْصُولِ، لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: جَاءَنِي الَّذِي عَسَى أَنْ يُحْسِنَ إِلَيَّ! وَقَدْ خَالَفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هِشَامٌ فَأَجَازَ وَصْلَ الْمَوْصُولِ بِهَا، وَوُقُوعُهَا خَبَرًا لِأَنَّ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا فِعْلٌ خَبَرِيٌّ، وَهُوَ جَائِزٌ. قَالَ الرَّاجِزُ:

لَا تَلْحَنِي إِنِّي عَسَيْتُ صَائِمًا إِلَّا إِنْ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ عَلَى إِضْمَارِ الْقَوْلِ، كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ:

إِنَّ الَّذِينَ قَتَلْتُمْ أَمْسِ سَيِّدَهُمْ ... لَا تَحْسَبُوا لَيْلَهُمْ عَنْ لَيْلِكُمْ نَامَا

لِأَنَّ: إِنَّ وَأَخَوَاتِهَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَقَعَ خَبَرًا لَهَا مِنَ الْجُمَلِ، إِلَّا الْجُمَلَ الْخَبَرِيَّةَ، وَهِيَ الَّتِي تَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ، هَذَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ ضَعِيفٌ.

وَجَوَابُ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ: إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ، مَحْذُوفٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ، وَتَوَسَّطَ الشَّرْطُ بَيْنَ أَجْزَاءِ الدَّلِيلِ عَلَى حَذْفِهِ، كَمَا تَوَسَّطَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ «١» وَخَبَرُ عَسَيْتُمْ: أَنْ لَا تُقَاتِلُوا، هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ، فَيَكُونُ: أَنْ، زِيدَتْ فِي الْخَبَرِ، إِذْ: عَسَى لِلتَّرَاخِي، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ: عَسَى، يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ، جَعَلَ: أَنْ لَا تُقَاتِلُوا، هُوَ الْمَفْعُولَ، وَ: أَنْ، مَصْدَرِيَّةٌ، وَالْوَاوُ فِي:

وَمَا لَنَا، لِرَبْطِ هَذَا الْكَلَامِ بِمَا قَبْلَهُ، وَلَوْ حُذِفَ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا عَنْهُ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ فِي اللَّفْظِ وَإِنْكَارٌ فِي الْمَعْنَى، وَ: أَنْ لَا نُقَاتِلَ، أَيْ: فِي تَرْكِ الْقِتَالِ، حُذِفَ الْجَرُّ الْمُتَعَلِّقُ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ: لَنَا، الْوَاقِعُ خَبَرًا لِمَا الِاسْتِفْهَامِيَّةِ إِذْ هِيَ مُبْتَدَأٌ، وَ: أَنْ لَا نُقَاتِلَ، فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، أَوْ: فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيْنَ سيبويه والخليل و: ذهب أَبُو الْحَسَنِ إِلَى أَنَّ: أَنْ، زَائِدَةٌ، وَعَمِلَتِ النَّصْبَ كَمَا عَمِلَ بَاءُ الْجَرِّ الزَّائِدُ الْجَرَّ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ، أي:


(١) سورة البقرة: ٢/ ٧٠. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>