للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلَا مَا لِسَلْمَى الْيَوْمَ بَتَّ جَدِيدُهَا ... وَضَنَّتْ، وَمَا كَانَ النَّوَالُ يَؤُدُهَا

الْغَيُّ: مُقَابِلُ الرُّشْدِ، يُقَالُ غَوَى الرَّجُلُ يَغْوِي أَيْ: ضَلَّ فِي مُعْتَقَدٍ أَوْ رَأْيٍ، وَيُقَالُ:

أَغْوَى الْفَصِيلُ إِذَا بَشِمَ، وَإِذَا جَاعَ عَلَى الضِّدِّ.

الطَّاغُوتُ: بِنَاءُ مُبَالَغَةٍ مِنْ طَغَى يَطْغَى، وَحَكَى الطَّبَرِيُّ يَطْغُو إِذَا جَاوَزَ الْحَدَّ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ، وَوَزْنُهُ الْأَصْلِيُّ: فَعْلُوتُ، قُلِبَ إِذْ أَصْلُهُ: طَغْوُوتُ، فَجُعِلَتِ اللَّامُ مَكَانَ الْعَيْنِ، وَالْعَيْنُ مَكَانَ اللَّامِ، فَصَارَ: طَوْغُوتَ، تَحَرَّكَتِ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا، فَصَارَ:

طَاغُوتَ، وَمَذْهَبُ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ مَصْدَرٌ: كَرَهَبُوتٍ وَجَبَرُوتٍ، وَهُوَ يُوصَفُ بِهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ. وَمَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ اسْمٌ مُفْرَدٌ كَأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ يَقَعُ لِلْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ، وَزَعَمَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَّهُ جَمْعٌ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ التَّاءَ فِي طَاغُوتَ بَدَلٌ مِنْ لَامِ الْكَلِمَةِ، وَوَزْنُهُ: فَاعُولٌ.

الْعُرْوَةُ: مَوْضِعُ الْإِمْسَاكِ وَشَدِّ الْأَيْدِي وَالتَّعَلُّقِ، وَالْعُرْوَةُ شَجَرَةٌ تَبْقَى عَلَى الْجَذْبِ لِأَنَّ الْإِبِلَ تَتَعَلَّقُ بِهَا فِي الْخِصْبِ مِنْ: عَرَوْتُهُ: أَلْمَمْتُ به متعلقا، واعتراه التم: تَعَلَّقَ بِهِ.

الِانْفِصَامُ: الِانْقِطَاعُ، وَقِيلَ الِانْكِسَارُ مِنْ غَيْرِ بَيْنُونَةٍ، وَالْقَصْمُ بِالْقَافِ الْكَسْرُ بِبَيْنُونَةٍ، وَقَدْ يَجِيءُ الْفَصْمُ بِالْفَاءِ فِي مَعْنَى الْبَيْنُونَةِ.

تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ اصْطِفَاءَ طَالُوتَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَتَفَضُّلَ دَاوُدَ عَلَيْهِمْ بِإِيتَائِهِ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَتَعْلِيمِهِ، ثُمَّ خَاطَبَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِأَنَّهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، وَكَانَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمُرْسَلِينَ، بَيَّنَ بِأَنَّ الْمُرْسَلِينَ مُتَفَاضِلُونَ أَيْضًا، كَمَا كَانَ التَّفَاضُلُ بين غير المرسلين:

كطالوت وبني إِسْرَائِيلَ.

وَ: تِلْكَ، مُبْتَدَأٌ وَخَبُرُهُ: الرُّسُلُ، وَ: فَضَّلْنَا، جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَذُو الْحَالِ: الرُّسُلُ، وَالْعَامِلُ فِيهِ اسْمُ الْإِشَارَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ: الرُّسُلُ، صِفَةً لِاسْمِ الْإِشَارَةِ، أَوْ عَطْفَ بَيَانٍ، وَأَشَارَ بِتِلْكَ الَّتِي لِلْبَعِيدِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْأَزْمَانِ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ الْإِشَارَةُ إِلَى الرُّسُلِ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي هَذِهِ السُّورَةِ، أَوْ لِلرُّسُلِ الَّتِي ثَبَتَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ إِشَارَةً إِلَى الْمُرْسَلِينَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «١» وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عِلْمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْيَانِهِمْ، بَلْ أَخْبَرَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُرْسَلِينَ، وَأَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى


(١) سورة البقرة: ٢/ ٢٥٢. ويس: ٣٦/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>